أسلوب التحقيق الافتراضي



أولاً - أسلوب التحقيق الافتراضي:
**********************
وهو أسلوب قائم على معلومات افتراضية غير مؤكدة لدى المحقق، وتستند إلى كميات كبيرة من المعلومات العامة التي استطاع جهاز الامن جمعها عن حالات سابقة شبيهة بحالة الاخ المعرض للتحقيق، وبعض المعلومات الخاصة عن الاخ نفسه ويعمد المحقق إلى تركيب صورة معينة بواسطة أجزاء متناثرة من المعلومات الافتراضية التي يسعى إلى تجميعها وتوثيقها عن طريق الأسئلة المباشرة وغير المباشرة التي يوجهها للاخ، وكل سؤال يفضي إلى السؤال الذي يليه، وكل إجابة تؤدي إلى توضيح الصورة أكثر.
لذلك فإن الأسلوب الافتراضي في التحقيق يقوم على إتقان لعبة ماكرة من الخداع والمراوغة والإيهام بمعرفة كل شيء، وهنا تبرز قدرة الاخ صاحب القضية وذكاؤه في فهم اللعبة وتجنب المنزلقات، فإذا استطاع التغلب على خداع المحقق نجا بجلده، وإذا وقع في أحابيل الأسئلة الافتراضية والإيهام بأن جهاز الامن يعرف عنه كل شيء أثبت على نفسه التهمة وعرض نفسه إلى السجن ومزيد من التعذيب لتقديم أكبر قدر ممكن من المعلومات والاعترافات.

متى يستخدم الأمن الأسلوب الأفتراضي:
************************
غالباً ما يستخدم الأمن الأسلوب الافتراضي في الحالات التي لا يملك الضابط معلومات أكيدة حول موضوع معين أو التهمة التي يتعرض بسببها الاخ للتحقيق، ولكنه يشك فقط بسبب ظروف معينة في أن للاخ علاقات مشبوهه (من وجهة نظره)، كما أن هذا الأسلوب يفيد جهاز الأمن في تجميع أو تراكم قدر أكبر من المعلومات التي تصلح لتكوين صورة أشمل حول الاخوة، وتفيد في حالات التحقيق مع اخوة آخرين.
إن جهاز الأمن معني بجمع أكبر قدر من المعلومات حتى ولو كانت ذات طبيعة عامة.
إن تراكم هذه المعلومات، وان بدت تفاصيلها غير مهمة، تمكن الجهاز الأمني من الاقتراب جداً من فهم طبيعة عمل الاخوة الذين يتعرضون للتحقيق، أو خداع أي اخ بأنهم يعرفون عنه كل شيء.
إن أهم عنصر في أسلوب التحقيق الافتراضي هو زرع الشك في نفس الاخ، والعمل على إفقاده الثقة باخوته وقادته، عن طريق توظيف هذه المعلومات، ليظن أن اخوانه قد باعوه لجهاز الأمن.

وقد حدث ان تم اعتقال مجموعة من الأخوة وبعد انتهاء التحقيق معهم وذهابهم الى السجن ، وعند سؤالهم من قبل اخوانهم المعتقلين عن ملابسات اعتقالهم قالوا لقد وجدنا كل شيء أمامنا، إنهم يعرفون كل شيء حتى أدق المسائل التي لا يعرفها أحد، وجدناها معروفة عند الأمن كل الذين في الخارج عملاء وقد باعونا للامن
تُرى هل هذا استنتاج صحيح ؟
هل هذه النتيجة التي خرج بها هؤلاء الأخوة صحيحة؟ وهل هؤلاء الأخوة صادقون أم أنها مجرد مبررات لتغطية العجز والانهيار والاعتراف أمام المحقق ؟ أم أن هناك وجهاً آخر للمسألة؟
أن تفسير ما حدث بسيط، وهو أن ضابط الأمن قد تراكمت لديه كمية كبيرة من المعلومات العامة،وبعض المعلومات الخاصة (عن طريق المرشدين)، ولكنه استطاع أن يستثمر هذه المعلومات استثماراً جيداً للإيقاع بأولئك الأخوة..
فقد كان ضابط الامن ومن خلال حالات اعتقال سابقة، واعترافات المعتقلين، الذين كرروا عدة مرات قصة التزامهم من البداية إلى النهاية، والطريقة التي تمت بها ،
والأماكن التي ذهبوا إليها، والبيوت التي دخلوها ، إن هذه المعلومات التي حصل عليها المحقق بالإضافة الى كلام بعض المرشدين (من منطقة الأخ) إذا ما ركبت تركيباً متكاملاً فإنها تعطي معلومات عن الأخوة، وطريقة تفكيرهم، ونمط تعاملهم، بحيث يستطيع جهاز الأمن وضع فرضية معينة للتعامل معهم وبذلك سيرتب المحقق معلوماته، ويعد أوراقه ومقدماته، ويواجه بها الأخ المعتقل بطريقة ذكية وواعية ومدروسة ليوقع بها الأخ من خلال التحقيق.
من جهة الأخ فإنه كان يظن أن المحقق لايعرف عنه شيئا وأنه
سيسأله بعض الأسئلة الروتينية التقليدية، ثم يُخلي سبيله، ولكنه يفاجأ بأسئلة أخرى تجره إلى فخ منصوب بعناية وذكاء،
سيسأله المحقق :
"أين كنت الليلة الماضية؟..
(وهذه معلومة علمها ضابط الأمن عن طريق احد مرشدي المنطقة )
حينها سيشعر الاخ أن السؤال اخترقه كسهم، وهزه هزاً عنيفاً، ظهرعلى ملامح وجهه، وحركة عينيه، ونبرة صوته، يحاول الاخ استيعاب المأزق بسرعة، وامتصاص الدهشة، والتظاهر بالعفوية وربما أجاب على السؤال بشيء من التلعثم
"كنت في البيت"
ولكن المحقق يعاجله بالسؤال الثاني،
"ومن قابلت بالامس "،
سيحاول الأخ أن يخفي الحقيقة مرة أخرى
ويستمر المحقق في متابعة الأخ بالأسئلة،
إن المحقق يحاول توجيه صدمات قوية للاخ بأسئلته تلك، ويشعر الاخ انه يعرف عنه كل شيء وخلال ذلك يدرس ردود أفعاله، ويفقده الثقة بالنفس، وفي اللحظة التي يصل فيها الاخ إلى أقصى درجات التوتر الداخلي يسأله المحقق هل أنا كنت معك؟
إذاً كيف عرفت كل هذا ؟
هل فكرت جيداً أنت مسكين
أنت ضحية
باعك اخوانك
إنهم يعملون معنا يامسكين
وفي هذا الجو المتوتر يروي الاخ قصته من جديد عشرات المرات، وبإسهاب كبير إذ أنه بعد أن اهتزت ثقته، وصدق أن اخوانه باعوه، سيروي كل شيء مر به، وسيعيد كل ما سمع، وشاهد، وحدث معه وستكون قصته فصلاً جديداً ومهماً لجهاز الامن لمعرفة معلومات جديدة حول الاخوة بشكل عام. إن على الاخ أن يعلم جيداً أن هناك كماً هائلاً من المعلومات العامة، التي يمكن أن تعرفها أجهزة الامن بكل سهولة، كما يمكن أن يعرفها أي إنسان عادي ومتتبع، وهناك معلومات خاصة يستنبطها المحقق من خلال اعترافات المعتقلين، وهناك معلومات سرية جداً لا تعرفها أجهزة الامن،
ولكنه يركب المعلومات العامة والمعلومات الخاصة في مقدمات منطقية لإيصال المعتقل إلى نتيجة منطقية، وهي أنه مكشوف لجهاز الامن الذي يعرف عنه كل شيء.

في هذه الحالة يجب على أي شخص يتعرض لهذا الموقف أن يكون موقناً يقيناً قاطعاً إن جهاز الامن لا يعرف عنه شيئاً خاصاً أو سرياً على الإطلاق، إلا إذا كان متهوراً في تصرفاته، وارتكب بعض الأخطاء، والتجاوزات، بحيث أظهر بشكل مفضوح ما يستدل بها عليه،
عندها يجب عليه أن يدرس أخطاءه جيداً ويتعلم منها، وان لا يكررها أبداً وأن يحاول في لحظة التحقيق البحث عن تبريرات لمثل هذه التصرفات، بحيث لا يدلي بأية معلومات تضره وتضر اخوانه.
إن معرفة الاخ لأسلوب التحقيق الافتراضي سيحصنه من التأثر بصدمات المحقق ويجنبه التعرض للاهتزاز، والتوتر، ومن هنا عليه ألا يظهر ردود أفعال غير طبيعية وأن يحافظ أمام المحقق على رباطة جأشه، وعفويته، وعندما لا يجد المحقق نجاحاً لأسلوبه على نفسية الاخ سيخيب ظنه، وتطيش سهامه وسيقتنع أنه يحقق مع الشخص الخطأ.. وأن الاخ، لا علاقة له بالتهمة المفترضة، وسينهي التحقيق معه، بسؤاله حول قضايا عامة.
وعندما يبوء بالفشل يسلمه أوراقه وهويته، ويتركه لحال سبيله



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق