أسلوب التشكيك




 
أسلوب التشكيك :
*****************
يقوم أسلوب التشكيك على حيلة نفسية تعتمد على معلومات موجهة، مثل الحكايات والأمثال الشعبية، والمقدمات الخاطئة التي يستخدمها المحقق من أجل تشكيك الاخ بعقيدته وتاريخه وانتمائه وقضيته وحركته واخوته ، ليجره إلى هاوية الانهيار والاعتراف.
فيقوم ضابط الأمن بتعظيم قدراته وقدرات الجهاز الذي يعمل فيه، وانهم لولا انهم على حق لم يكن الله لينصرهم ويؤيدهم وأن هؤلاء الاخوة لو كانو على حق لنصرهم الله ، وأن هؤلاء الاخوة متزمتون متعصبون، يريدون في عصر الذرة والتكنولوجيا إعادة عقارب الساعة الى الوراء والرجوع بنا الى عصر الخيم والجمل ، وأن كل هذه الحضارة المدنية وهذا التقدم التكنولوجي الباهر لن يؤثر فيه أمثال هؤلاء الاخوة .
إن هؤلاء الاخوة مساكين يظنون أن بإمكانهم ان يغيروا هذا المجتمع الدولي الهائل، وهم في الحقيقة لا يلحقون الأذى إلا بأنفسهم وأهليهم وذويهم ومستقبلهم، ولا مبرر لهذه التضحيات التي لا تقدم ولا تؤخر بل لاتخدم الا هؤلاء الذين يستغلونهم ويتاجرون بدمائهم وبحياتهم وهم يعيشون بأمان ، وأن جهاز الامن ذراعه طويلة تصل إلى كل مكان، ويعرف كل شيء، وان التقارير تصلنا باستمرارعنكم ونحن نعطيكم فرص حتى ترجعوا عن ما في أذهانكم وصبرنا عليكم حتى اعتقلناكم جميعاً، من الكبيرالى الصغير، ولم يفلت من قبضتنا أحد فلا فائدة من الإنكار، وعليك أن تعترف كباقي زملائك الذين اعترفوا، وانتهى التحقيق معهم وسواء اعترفت أم لا، فنحن لا نريد اعترافك، المعلومات التي لدينا تحكم عليك بالسجن لذلك عليك أن تفكر، ساعدنا، ونحن نساعدك، وأنا سأفكرك بموقف اتذكر يوم كذا كنتم متواجدين في منطقة كذا، وعملتم كذا، وكان معكم كذا، نحن لم نكن معكم، ولكننا نعرف كل شيء والآن تعال لترى الاخوة وهنا يتم اصطناع مسرحية بحيث يتم وضع اخ أو اثنين في وضع مريح، وهم يشربون الشاي وأمامهم أطباق من الفواكه ويجالسهم مخبر، ويتندر معهم ضابط آخر مجموعة نكات لكي يضحكهم، ويفتح المحقق فتحة صغيرة من كوة، لكي يشاهد الاخ هذه الوضعية، وربما يكون هناك أخ تساقط أو اعترف بحضره ضابط الامن ويسأله "اسمك؟".."هل اعترفت؟" نعم.. أو يحضر مرشدا ويغميه حتى يقوم بهذا الدور.
إن المحقق يستجمع كل طاقاته، ويقدم كل أوراقه لكي يشكك الاخ بنفسه وبدينه وباخوته، لكي يفقده الثقة في كل شيء، ولكي يخدعه عبر ألاعيبه بأن اخوته اعترفوا وأن امن الدولة تعرف كل شيء عنه، وانه وقع، وعليه أن ينقذ نفسه إنه
ويجعل الاخ يضع في سلم الأولويات مصالحه الذاتية ويحاول دفعه للتفكير بها ويحاول أن يصرفه عن التفكير بالمثل العليا والمصلحة العامة مؤكداً أنها مجرد سراب.
على الاخ ألا يُخدع بهذا الأسلوب.. الذي تشترك طاقة المحقق، وعقله، ونظرته، وتقلصات وجهه، وجديته، وحركة يديه، لكي يوجد حالة تأثير نفسي، وحالة سيطرة على الاخ يمرر من خلالها كل ما يريد أن يوحيه إلى الاخ لكي يسقطه في فخ الاعتراف.
بعض الملتزمين خدعوا بهذا الأسلوب، وصدموا عندما شاهدوا قادتهم ومشايخهم في أوضاع مريحة يحتسون القهوة بحضور مخبر ويضحكون فانهاروا واعترفوا بكل شيء الملتزم كيّس فطن لا يُخدع، لانه يدرك ان التخيلات التي يحاول أن يمررها ضابط الامن أمام أعين الاخ هي تخيلات خادعة، وكاذبة وإن كان لها مظهر منطقي.
الملتزم الذي تبدأ الشهادتان عنده بحرف لا عليه ان يتعود الرفض، ويرفض الهيمنة، والسيطرة في أقبية التحقيق كما تعودها ورفضها في الخارج على الاخ أن لايكترث لاسلوب المحقق، وان يحيل بصره واهتمامه عنه الى اي شيء اخر، مثل صورة على الجدار وان يقاطع المحقق دوماً، لكي يفشل خطته، وان ينفي اي صلة له بالحركة والعمل، وان يحاول تأكيد حقيقة "انت غلطان، ابحث عن غيري انا برىء انا انسان عادي ليس لي في هذه المسائل"..
اسلوب التشكيك هو نوع من لعب الخداع التي يمارسها حاوٍ ماهر يحاول من خلال تجميعه لمجموعة جزيئات صغيرة صحيحة أن يقدم حقيقة كاذبة، كما يخدع الساحر الحواس، يحاول المحقق بمهارة ولكن لا ليخدع الحواس، بل ليخدع العقل، أن المحقق الذي يتقمص شخصية الحاوي الماهر، تهتز شخصيته المزيفة كلما وجد أن الاخ لا يكترث له ولحديثه، وتبدأ في الفشل كلما قاطع الاخ حديثه، وأبدى عدم الاستجابة والتأثر به وعندما يشعر أن إسلوبه أصبح فاشلاً وغير مُجدٍ تثور أعصابه ويتوتر، ويأخذ في الشتم والضرب وهي علامات فشل، وعلامات ضعف، وعلامات هزيمة.
لقد جرب ذلك اخوة كثيرون فشل الجلاد وانهار أمامهم، أمام رفضهم، وتعنتهم، ومعرفتهم بهذا الاسلوب الذي لا ينطلي إلا على الجهلة وضعيفي الارادة .



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق