أسلوب الإفراج



 
أسلوب الإفراج 

وهو‏ حيلة‏ ابتزاز‏ يمارسها‏ المحقق‏ مع‏ المعتقل بعد‏ انقضاء‏ فترة‏ أسابيع أو أكثر‏ على‏ الاخ‏ في‏ أقبية التحقيق.. من‏ خلال‏ إيهامه بأنهم سيطلقون‏ سراحه‏ بدون‏ مقابل‏ سوى‏ وعد‏ منه‏ أن يترك‏ هذه‏ الطريق‏، وأن‏ يعيش‏ حياته‏ الطبيعية‏ مع‏ الناس‏، وأن‏ لا يمس أمن الدولة بضرر‏ بعد‏ أن يخرج‏ من‏ المعتقل‏، لأجل إهاجة‏ مشاعر‏ الشوق‏ وأحاسيس الحنين‏ في‏ داخله‏ لأهله، ولذويه‏ وللدنيا‏، وللحرية‏ وللسعادة‏ والخروج‏ من‏ ظلمات‏ السجن‏، مقدمة‏ لإحياء ذاته‏، وعواطفه‏ الشخصية إحياء الأنا‏ بداخله‏، وتضخيمها‏، لتصبح‏ مركز‏ استقطاب‏، واهتمام‏ أفكار وعقل‏ المعتقل لإحياء إنسان الغريزة‏ الذي‏ يفكر‏ بنفسه‏، وبمصالحه‏، وينفصل‏ عن‏ الموضوع‏ والفكرة‏، والقضية‏ والصراع‏، والتحدي‏، لأجل غرس‏ ضعف‏ مصطنع‏ بداخله والحصول‏ على‏ معلومات‏ إضافية منه‏ خلال‏ تهييج‏ هذا‏ الضعف‏ ومن‏ خلال‏ المساومة‏، والابتزاز. فالمحقق الذي‏ يشرف‏ على‏ قضية‏ المعتقل‏، يبلغه‏، بأن‏ هناك‏ ضابط اخر ستولى المتابعة معه فعليه‏ أن يكون‏ صادقاً‏ معه.. بعد‏ دقائق‏ معدودة‏ يدخل‏ محقق‏ جديد‏ ويبدأ‏ بسؤال‏ المجاهد عن‏ صحته‏، ‏عن‏ حياته‏ الشخصية‏، ‏عن‏ اخوته‏ وعددهم‏ وأسمائهم وزوجته‏ وأبنائه، ووظيفته‏ ودخله‏ المادي‏، ووضع‏ أهله وعائلته‏ بعد‏ اعتقاله‏، ‏من‏ يصرف‏ عليهم من‏ يساعدهم‏، بعد‏ الدردشة‏ المقصودة‏، يقول‏ الضابط‏ "نحن‏ قررنا‏ إطلاق سراحك‏..! ممتاز؟" ويمد‏ يده‏ إلى جيبه‏، ويخرج‏ بعض‏ الأوراق النقدية تأكيداً‏ على‏ جديته‏، ويسأل‏ المعتقل.. هل‏ أنت نادم‏ على‏ هذه‏ الغلطة فان‏ أجاب نعم.. يضيف‏ الضابط.. وهو‏ ينظر‏ إلى الساعة‏، الآن لا يوجد وقت‏ لإطلاق سراحك.. ولكن‏ غداً‏ صباحاً‏ سيفرجون‏ عنك.. ولكن‏ هل‏ تعدني‏ أنك‏ لن‏ تعيد‏ هذا‏ الخطأ..؟ نعم" ماذا‏ ستعمل‏ عندما‏ تخرج‏؟سأكمل‏ دراستي.. سأعيل عائلتي.. إذن اهتم‏ بدراستك‏ ومستقبلك‏، اهتم‏ بعائلتك ولا تلتفت‏ لمن‏ يريد‏ توريطك‏ ويخرج‏ تاركاً‏ الاخ في‏ غيبوبة‏ من‏ الأفكار.. أحقاً‏ سأخرج.. وأنا.. أحقاً‏ سأخرج بدون‏ مقابل.. وما‏ بين‏ الغيبوبة‏، وأحلام اليقظة‏.. والسراب‏ الذي‏ يحسبه‏ طريق‏ الإخراج يدخل‏ المحقق‏ ويقول‏: "أترى كيف‏ أن الحكومة‏ عادلة‏، أنت مسكين‏، ‏ووقعت‏ ضحية‏، ولأنك مسكين‏ فإن‏ الله‏ يرى‏ حالتك‏، ‏وحالة‏ أولادك.. وحالة‏ أمك، وحالة‏ اهلك.. لكن‏ سنفرج‏ عنك‏ غداً.. وهناك‏ بعض‏ المسائل‏ أنت أخفيتها عنا‏، وهي‏ الآن لا تضرك بشيء‏ لان‏ قرار‏ إفراجك جاهز‏، وأرسلناه إلى إدارة السجن‏ حتى‏ يفرجوا‏ عنك‏ صباحاً" ‏، ‏ويظل‏ يراوغ‏ في‏ هذه‏ الدوائر.. فإذا خدع‏ الاخ‏ بهذه‏ الحيلة فإنه‏ يعترف‏ بأي شيء‏، يضاف‏ إلى معلومات‏ الامن‏ لضرب‏ هذا‏ المعتقل‏ أولاً‏، ولضرب‏ حركته‏ ودعوته‏، فإن‏ أصر المجاهد‏ على‏ نفي‏ أي‏ علاقة‏ تنظيمية‏ له‏ وأنه‏ مواطن‏ عادي‏ لا علاقة له‏ (بالمشاكل).
فان‏ المحقق‏ يتظاهر‏ بالغضب‏، ويقول‏ بلهجة‏ متوترة‏ نحن‏ نحب‏ أن نساعدك‏، لكن‏ أنت لا تحب الخير‏ لنفسك‏، بإمكانك أن تبقى‏ طول‏ عمرك‏ في‏ السجن.. ولن‏ تخرج‏ منه‏ إلا إلى القبر لينفعك‏ أصحابك.. يا بطل!!" ويخرج‏ من‏ الغرفة‏، وهو‏ مدرك‏ أن أسلوبهم فشل‏، ‏ولم‏ يحصلوا‏ على‏ أي شيء.


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق