التعذيب بالعزل عن أخبار العالم وفقدان الإحساس بالزمن





التعذيب بالعزل عن أخبار العالم وفقدان الإحساس بالزمن

ومن وسائل التعذيب فى المعتقل العزل عن اخبار العالم فتمر السنوات الطويلة والمعتقل قابع فى عالم الزنزانة والعنبر لا يدرى ما يجرة فى العالم من حوله وكيف هى احوال مصر واحوال امته الاسلامية والاحوال العالم الذى يمكر بالمسلمين ليل نهار فسياسة المعتقل تمنع الصحيفة وتمنع الراديو وتمنع التلفازوالزيارة ممنوعةوقد يعزل المعتقلون فى معتقل بعيد ولا يرد ايراد جديد من الماسورين الى هذا المعتقل ليخبرهم عن الجديد من الاخبار والاحوال
كان المعتقلون يتلمسون الاخبار من قصاصات الجرائد التى تلتف فيها بعض اطعمة الزيارة ومن التحدث مع الشاويشة السجانون وجرهم فى الحديث عن احوال العالم فى الخارج وتكون المنحة الكبرى من الله حينها ان يتم تسريب جهاز راديو ناشيونال الاحمر او الاسود الصغير عن طريق رشوة شاويش او مخبر ويكون هذا الراديو بمثابة النافذة الى العالم الخارجى وكنزا غالى من كنوز المعرفة اذكر اننا فى الزنزانة عرفنا عن هجوم 11 سبتمبر على امريكا عن طريق الراديو الذى كنا نشغله بصوت منخفض خوفا من سماع السجانون الصوت فيصادروه منا كنت اصعد على الجمل (سلم البطاطين الى النافذة)  اصعد بالراديو واقوم بمحاولة التقاط الاشارة ليتضح الصوت نتلمس اخبار الهجوم على وزارة الدفاع الامريكية ونستمع لارهاصات الغزو الصليبى الامريكى الاوروبى لافغانستان المسلمة عبر عملائهم من قوات التحالف الشمالى الافغانى  كنا نتبادل الصحف بين زنزانتنا والزنازين المجاورة عبر ربط الصحيفة بالحبل وارجحتها ليخرج زملاءنا فى الزنزانة المجاورة عصا يلتقطوه بها الصحيفة وهكذا يتم تمرير الصحيفة على كامل العنبر كذلك كنا نستقبل الاخوة القادمون من افراج لاظوغلى والذين كانوا يلتقون هناك بالشباب المستجد الخاضع لتحقيقات وتعذيب امن الدولة فيستمعون منهم الى جديد الاخبار والاحوال فى امسيات الحجز
بلا ظوغلى  او ياتى الينا مجموعة من المعتقلين الجدد فيكونوا بمثابة الوجبة المعرفية الثمينة من الاخبار والمستجدات لاحوال العالم فى الخارج اذكر فى هذا الاطار موقفا طريفا كثيرا ما كان يحدث حيث كنا ننزل الى افراج لاظوغلى فى الحجز ويكون هناك شباب مستجدون اشتباه تحت التحقيق فنجلس نتحدث معهم نستطلع اخبار العالم الخارجى فيقوم احد اخوتنا المعتقلين من كبار السن ويسال الشباب عن وسائل المواصلات فى الخارج وكيف اصبحت وهل مازال هناك الترام الذى يقطع الشوارع فيتعجب الشباب ويخبروه انه قد اصبح هناك ما يسمى بمترو الانفاق يسير تحت الارض فيظهر الشيخ المعتقل علامات الدهشة والانبهار والحيرة على وجهه ويستوثق منهم هذا الخبر ولا يكاد يصدقه ثم يسارع ليتهمهم بانهم يضحكون عليه كيف لقطار ان يسير تحت الارض فتخفق قلوب الشباب غير مصدقين ويسالون المعتقل منذ متى وانت فى المعتقل فمترو الانفاق موجود منذ عشرين سنة على الاقل ونحن نستمع للحوار ونكتم ضحكاتنا فالطريف فى الامر ان هذا الشيخ المعتقل موجود منذ 10 سنوات لا اكثر ويعرف جيدا عن مترو الانفاق لانه استقله لمده 10 سنوات كاملة ولكنه يمازح الشباب ويستغل الجو المحيط الذى يوحى لهؤلاء الشباب انهم وقعوا فى زنزانة واحدة مع اهل الكهف

من شهادة حسن على فى كتابه محنة الاسلاميين

(كانت كل ما تهدف إليه هذه السياسة والتي تتبع معهم هو دفنهم أحياء في هذه القبور بعدما انقطعت بهم سبل الحياة في هذا المكان وفقدوا أي اتصال بالعالم الخارجي لسنوات طويلة كانوا يتطلعون خلالها لمعرفة أي أخبار عن أهلهم أو عن أبنائهم أو عما يحدث في العالم الخارجي ولكن بلا جدوى حتى إنهم كانوا لا يدرون كم من الليل مضى وكم تبقى منه وكم ساعة من النهار مرت كل الذي يدركونه أن هناك نهار جديد يطلع عليهم ويتوجسون منه خيفة لما قد يحمله لهم من هموم وأحزان)


(كنا فاقدين لعنصر الوقت والزمن فلا نعرف مواقيت الصلاة ولا اتجاه القبلة إلا بصعوبة شديدة حتى إننا في بعض الصلوات وخاصة الليلية نصليها أكثر من مرة حتى القبلة كنا نصليها في اتجاهات مختلفة لعدم معرفتنا للاتجاه الصحيح والذي عرفناه بعد فترة، أما شهر رمضان فكنا لا ندري متى بدأ ولا متى انتهى حتى إننا في أحد السنوات علمنا أن الشهر قد انتهى وأن اليوم عيد في منتصف النهار، وكانوا إذا وجدوا ساعة تسربت إلينا لمعرفة مواعيد الصلاة يأخذوها.)

إقرأ أيضا : التعذيب بطول فترة الإعتقال

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق