التكيّف مع طول فترة الإعتقال




التكيّف مع طول فترة الإعتقال

ومن الاشياء المستحيلة التى كان العديد من المعتقلين يتوقون اليها هى ممارسة السباحة وبالطبع كان هذا الامر يستحيل ان يحدث حتى تيسر هذا الامر لبعض الاخوة والذين تطوعوا للذهاب لتفريغ وتنظيف خزان مياه الشرب فى سجن استقبال طره فاستغل هؤلاء الاخوة الفرصوة وقاموا بالسباحة فى الخزان الضخم قبل تفريغة وتنظيفه
كنا نقيم الحفلات المسائية فى الزنازين والتى كنا نسميها الروضات والتى كنا ندخر لها افضل اطعمتنا من الحلوى ان وجدت او الفاكهة او العصائر وانواع التسالى والتى كنا نجعل بعضها كالجوائز فى فقرة المسابقات فى الروضات وكانت هناك فقرات انشادية لذوى الاصوات العذبة ولينشدوا لنا اعذب الاناشيد الاسلامية الدرامية والجهادية وفقرات للقصص والذكريات الواقعية وفقرات لقصص بعض الاخوة ذوى الامكانيات الكوميدية وهم يقصون ما يعرفونه من طرائف المواقف والاحداث حتى كان الفتح واصبحت الزنازين تستضيف الضيوف من المنشدين والاشخاص خفيفى الظل ليبيتوا معهم فى الزنزانة ويقيمون روضات مسائية وكنا نعد البرامج الخاصة للروضات خاصة فى ايام الاعياد والتى كنا نحاول قدر الامكان التخفيف فيها عن بعضنا البعض حتى ينشغل المعتقل عن التفكير فى افتقاده لاسرته فى العيد وكنا نقيم صلاة العيد فى داخل الزنزانة او بعد اافتح الجزئى على مستوى العنبر او بعد الفتح على مستوى السجن وكذلك كان الامر مع خطب الجمعة والتى تدرجت من الخطبه على منبر الزنزانة الى منبر ساحة السجن والذى خطب عليه فى بعض الفترات الشيخ نشات احمد والشيخ نبيل عطية والشيخ حسن ابو الاشبال والشيخ سيد العربى

من كتاب حسن على

طلب العلم فى الاسر
سنحت لنا هذه الظروف فرصة للاستفادة من استغلال الوقت فكان هناك حلقات لتحفيظ القرآن وأخرى في دروس لمجاملات مختلفة حسب الإمكانيات المتاحة فكان هناك دروس في العقيدة والفقه وأيضا في السياسة والتاريخ حيث كان يوجد معنا دكتور في العلوم السياسية وكذلك الاستماع إلى التجارب السابقة وخاصة أنه كان معنا بعض الإخوة من قضية سنة 1981 مازالوا يقضون الأحكام وغير ذلك

مدونة منيب

(وكانت على المعتقل مهام أخرى كثيرة يلزمه القيام بها مثل أداء الصلوات الخمس في مواقيتها مهما كان المنع أو التعذيب أوالتضييق, و كان أداء الصلاة في جماعة أمر ضرورى جدا من الناحية الدينية لأن صلاة الجماعة ثوابها أكبر من الصلاة الفردية بسبع وعشرين درجة, و رغم ما جرته صلاة الجماعة كثيرا من متاعب قليلة أوكثيرة بحسب الحال إلا أن المعتقلين واظبوا عليها في كل الأوقات غالبا.كما واظب كثير من المعتقلين علىقيام الليل وذلك بأن يستيقظوا بعد منتصف الليل بفترة ما ثم يصلون تطوعا حتى أذان الفجر, و لقيام الليل فضيلة عظمى في الإسلام حتى أنه كان فريضة على كل المسلمين في بداية الإسلام ثم خفف الله على المسلمين فجعله نافلة أى من فعله يثاب ومن لم يفعله لا يعاقب, و من فضائله أن الله يغفر للمسلم ويقبل توبته ويستجيب لدعائه أثناء قيام الليل بشكل أكثر تأكيدا من الأوقات الأخرى.و رغم أن كثيرا من المعتقلين واظبوا على قيام الليل طوال فترة إعتقالهم فإن الذين واظبوا عليها فى أوقات التعذيب والشدة كانوا أكثر بكثير ممن واظبوا عليها في أوقات توقف التعذيب وتحسن المعاملة, وهكذا الإنسان يلجأ إلى الله في وقت الشدة أكثر من وقت الرخاء حتى لو كان رخاءا نسبيا. و في النهار كان المعتقل يقضى وقته في تلاوة القرآن إن كان حافظا له أما إن لم يكن حافظا له فوقته يتوزع بين وقت للتلاوة ووقت للحفظ , وكان عدد لا بأس به يختم القرآن فى ثلاثة أيام والقليل جدا كانوا يختمون في يومينوالكثيرون كانوا يختمون القرآن في أسبوع والغالبية كانت تختم في عشرة أيام ونادر من كان يقل عن ذلك, وكان معدل القراءة يزيد ويقل بحسب زيادة أو قلة التعذيب وسوء المعاملة كما هو الأمر في قيام الليل, و كذلك تأثر معدل تلاوة القرآن سلبا بمعدل توفرالكتب والورق والأقلام إذ شغلت قراءة الكتب البعض عن تلاوة القرآن بدرجة ما, وكان أعلى معدل لقراءة القرآن سنوات منع دخول الكتب وقد إستمرت هذه السنوات من أوخر عام 1993م وحتى أخر 2003م.و كان أعلى معدل لحفظ القرآن لدى الأشخاص غير الحافظين له هو السنوات التى تم فيها منع المصحف من السجن و هذه السنوات إمتدت في سجن الوادى الجديد (الواحاتمنذ قدوم المعتقلين السياسيين له في فبراير1995م وحتى نهاية 2001م, وكان عدد هذه السنوات أقل في السجون الأخرى. و قد تغلب المعتقلون على منع المصحف بأن إعتمدوا في تلاوة القرآن على حفظهم هذا بالنسبة للحافظين أما غبر الحافظين فقد إعتمدوا على أن يحفظوا بالتلقى الشفهى من الحافظين, أما الذين تعذر عليهم ذلك الأسلوب من الحفظ فقد إحتاجوا لكتابة القدر الذى سيحفظونه كل يوم ليحفظوه من المكتوب, لكن الأقلام والأوراق كانت ممنوعة فلجأنا للحيلة لإتمام مثل هذه الكتابة
وسائل التكيف فى الكتابة والقراءة والتعلم.
و كان لهذا التحايل أساليب متعددة منها تهريب نقود لداخل السجن وإستخدامها لشراء الورق والأقلام إما من أحد المسجونين الجنائين و إما من أحد السجانين, وهناك أوقات كثيرة إستحال فيها ذلك, ولقد أفادتنا السجون الجديدة التى تكلف بناؤها مئات الملايين حيث تم دهنها بدهان ناعم للغاية بحيث ينزلق من عليها القلم الجاف إذا حاول أحد الكتابة عليها كما لا يمكن الكتابة عليها بالحفر كما كان حالنا في السجون القديمة المدهونة بالجير بسبب خاصية الإنزلاق هذه, لكن الله هدانا للحل بحيث إستفدنا من هذه الدهانات الحديثة بما لم يخطر على بال مصمميها, فقد إكتشفنا أن معظم أنابيب الدواء التى في صورة مرهم أو جل مصنوعة من معدن الرصاص و أن الرصاص يكتب بسهولة على هذه الحوائط الناعمة وتنمحى هذه الكتابة بمجرد دلكها بالإصبع أو بقطعة قماش, واستعمل جميع المعتقلين هذه الطريقة في الكتابة في كل السجون, وإختلفت أساليب المعتقلين في ذلك فالبعض كان يكتب أخر النهار بعد تشميع مفاتيح السجن في الخزينة الخاصة بذلك في إدارة السجن حيث تتعذر حينئذ مراقبة ما يجرى في الزنزانة ثم يقوموا بمحو ما كتبوه بعد الفجر لئلا يراه السجانون في الصباح, بينما لم يبال أخرون بعواقب رؤية السجانين لهذه الكتابات, وكان جزاء الكتابة هوالضرب المبرح وربما صحبه أحيانا الحبس في عنبر التأديب, و أذكر ذات مرة أن السجانين وجدوا في زنزانتنا بعضا من أيات القرآن مكتوبة على الحائط فظلوا يضربوننا ويقولون "تكتبون القرآن على الحائط يا كفرة يا أولاد الكلب..... هو القرآن يكتب على الحائط يا كفرة".وتفنن المعتقلون في عمل أدوات الكتابة من أنابيب المرهم فكانوا يبسطوا أجزاءا منها لتصير رقاقة مستوية ثم يلفونها بالشكل الذى يريدونه وبالحجم الذى يريدونه, والكثيرون نجحوا في عمل سن دقيق منها مثل سن القلم الرصاص ثم عملوا قلم من العجين المأخوذ من لبابة الخبز وزرعوا فيه السن المذكور ثم تركوه يجف وإستعملوه, كما نجح هذا القلم في الكتابة على الورق كلما حصلنا على ورقة ما ولكن بخط خفيف مقروء, و كان جزاء الزنزانة التى يعثر فيها السجانون على أدوات كتابة من هذه أو غيرها هو الضرب المبرح لجميع من فيها و الحبس في عنبر التأديب, وحدث معى ذلك في أغسطس 2001م حيث كان التعذيب قد خف كثيرا في سجن الفيوم في هذه الفترة وخف سوء المعاملة قليلا مما مكنا من شراء أنابيب أقلام جاف سرا من بعض السجانين, وجاء بعض الضباط ومعهم عدد من المخبرين والجنود وفتشوا زنزانتنا وعثروا بعد جهد وعناء على أنبوبة قلم جاف مخبأة بالزنزانة فنقلوا كل المعتقلين بالزنزانة إلى عنبر التأديب بعد أن وجهوا لنا قدرا لا بأس به من التوبيخ وبعد أن حلقوا لنا رؤسنا ولحانا على الزيرو, وصدر القرار ببقائنا بالتأديب عشرة أيام فأضربت يومها عن الطعام إضرابا إستمر حينئذ لمدة 39 يوما لأني شعرت وقتها أن ضابط أمن الدولة المقيم بالسجن متعنت إزائى حيث يتعمد دائما الإكثار من تفتيش زنزانتى لمجرد أنى موجود بها, و ذلك بالمقارنة بالزنازين الأخرى, فضلا عن إعتقالى المستمر بلا مبرر رغم القرارت القضائية العديدة بالإفراج عنى.وعلى كل حال فعندما إكتشفت الأجهزة الأمنية إستخدامنا لأنابيب المرهم في الكتابة منعت تدوال الأدوية من هذه النوعية سواء كان مصدرها مستشفى السجن أو أهالى المعتقلين, لكن في الحالات المرضية القصوى سمحت بها بشرط أن يقوم ممرض السجن بإفراغها في أكياس بلاستيك, لكن رغم ذلك ظل الحصول على أنابيب المرهم هذه أسهل من الحصول على قلم رصاص أو أنبوبة قلم جاف.ولم تكن تلاوة القرآن وحفظه هو النشاط الوحيد الذى كان يقضى فيه المعتقل يومه بل كان هناك أنشطة أخرى منها بل أهمها بعد الصلاة والقرآن هو حفظ الأحاديث, وطبعا لم تكن لدينا كتب في السنوات العشر الأولى فكان كل من يحفظ أحاديث يمليها على من لا يحفظ أو يكتبها ويتم ذلك كله على مستوى العنبر كله (عشرون زنزانة) فيتحصل بذلك عدة مئات من الأحاديث للعنبر كله ويجرى تدوالها بين كل الزنازين ليحفظها كل من شاء, وعندما كانت الظروف تسمح فقد كان يجرى عمل مسابقات فيها بين الحافظين, كما كان يجرى مراجعتها بشكل جماعي بصوت مرتفع نسبيا بعد كل صلاة من الصلواة الخمس في حالة سمحت الظروف بذلك, وبعد ذلك كلما سمحت الظروف جرى تبادل مجموعات الأحاديث الخاصة بكل عنبر مع العنابر الأخرى.وعندما سمحوا بدخول الكتب المقررة على ثانوى عام وثانوى أزهرى جرى استخلاص الأحاديث الموجودة بها وجرى تداولها وحفظها في كل السجن, ولم يكن السماح بهذه الكتب دائما بل كان يجرى السماح بها لعدة أسابيع كل عام دراسى ثم تتم مصادرتها نهائيا, لكن كان يتم تفريغ ما بها من أحاديث في هذه الفترة القصيرة, وبعد سنتين أو ثلاثة أصبح الكثيرون يحفظونها ولم نعد بحاجة لهذه الكتب.
كما تم تهريب كتاب أو إثنين كلما سمحت الفرصة بطريقة الشراء من المسجونين الجنائين أو السجانين وكلاهما كان يسرق الكتب والمصاحف من مخزن السجن ويبيعها لنا وهى التى سبق أن صادروها منا أثناء دخولنا السجن, وكانت عملية شراء كتب أو مصاحف أو غيرها من المسجونين أو السجانين محفوفة بالمخاطر لأن المباحث كانت أحيانا ما تدفع بهؤلاء لعمل مصيدة للأخوة بوعدهم ببعض المصاحف أو الكتب مقابل بعض المال وعند التسليم والتسلم يتم مداهمة الأخوة وضبط المال والمصاحف, ويتم معاقبة الزنزانة كلها بالضرب وربما يوضعوا كلهم أو بعضهم بعنبر التأديب, كما يتم التحقيق عن مصدر وكيفية حصول المعتقلين على المال داخل الزنزانة لأن حيازة المال ممنوعة في السجن.ومن الأشياء التى قضى فيها المعتقلون أوقاتهم حفظ المتون, والمتن هو منهج تعليمى إسلامى تقليدى قديم وهو عبارة عن نص مختصر تمت صياغته ليسهل حفظه وهو يحوي كل أو معظم عناصر علم ما من علوم الدراسات الشرعية الإسلامية أو علم اللغة العربية, مثل علم أصول الفقه أو الفقه أوعلم أصول الحديث أو علم أحكام تجويد القرآن أوعلم قراءات القرآن الكريم أوالنحو العربى أو البلاغة أو المواريث وغيرها، وقد صيغت هذه المتون نظما غالبا ليسهل حفظها وأحيانا نثرا, وقد تم تصميم هذه المتون لتجعل حافظها حافظا لمعظم عناصر العلم التى وضعت بشأنه, وذلك بعبارة سهلة وواضحة أحيانا أو بعبارة صعبة في أحيان أخرى, وهذه المتون منها المطول الحاوي لمعظم تفصيلات مسائل العلم الذى تخصه, و منها القصير الذى يقتصر على أمهات مسائل هذا العلم فقط, ولقد كانت هذه المتون منتشرة في السجون يتم تداولها بالتلقى الشفهى أوبالكتابة من الحافظين لها ولكن كان في بعضها أخطاء كثيرة بسبب كثرة تناقلها عبر الأفواه مع تعقيدات الكتابة التى سبق وذكرناها, ولكنها قضت الغرض منها في ظل حظر أى مصدر للتعلم, وأنا شخصيا حفظت متونا فى العقيدة وأصول الفقه و أصول الحديث و القواعد الفقهية وغيرها بهذه 
الطريقة,  كما حفظت 800 بيتا من ألفية ابن مالك فى النحو من ورق صغير, حجم الورقة الواحدة منه أقل من حجم الكف, كان قد أملاها أحد المعتقلين من ذاكرته في سجن الفيوم.وكان من ضمن الأنشطة اليومية المعتادة تلقى الدروس في أى من فروع العلوم الشرعية أو اللغة العربية أو التاريخ أو السياسة, فكان المعتقلون المتميزون في أى من هذه العلوم يلقونها على زملائهم حسب ظروف المراقبة والتضييق في السجن وحسب ترتيبات كل زنزانة أوعنبر, وكان من المعتاد أنه يجرى كتابة الدروس المتميزة أو التى في تخصص نادر ثم يتم تداولها بين الزنازين بل والعنابروذلك في إطار من الإخفاء لأن عواقب ضبط إدارة السجن لمثل هذه الأشياء هى عواقب مريرة.كان يوم المعتقل يبدأ كالتالى: نصلى جميعا الفجر جماعة ثم يتلو كل منا (منفردا) أذكار الصباح, ثم ينام البعض بينما يؤثر البعض الأخر أن يجلس يتلو أو يحفظ القرآن, ثم في التاسعة صباحا أو بعدها بقليل يستيقظ الجميع ويتناولوا الإفطار وبعده يبدأ الجميع يومهم.
وعادة ما يكون القرآن هو أول ما يبدأ به أى معتقل يومه ثم يكمل بقية أنشطته المذكورة في السابق, لكن الذين جلسوا بعد الفجر حتى ذلك الوقت عادة ما يكونوا أتموا القدر اليومى الملتزمين به من القرآن في ذلك الوقت فيبدأون بعد الإفطار أنشطتهم الأخرى، ويستمر ذلك طوال النهار, ولو سمحت الظروف فكثيرون ينامون القيلولة بعد صلاة الظهر ليتمكنوا من صلاة قيام الليل لكنها أصبحت عادة يعملها من يقوم الليل ومن لايقوم الليل, ثم يصلى الجميع العصر جماعة, ثم يمارسون أنشطتهم حتى صلاة المغرب وبعد الصلاة غالبا ما يحين موعد وجبة الطعام الأخيرة, وسبب جعلها في هذا الموعد هو أن كثيرا من المعتقلين يكونوا صائمين فتم إختيار ذلك الموعد كى تتحد وجبة الصائمين مع غير الصائمين.
ولقد كان عدد غير قليل من المعتقلين يصوم يوما ويفطر يوما,
و عدد أقل كان يصوم كل يوم عدا أيام العيد (لأن صيام أيام العيد حرام), وكان الأغلب يصومون الإثنين والخميس و الأيام القمرية (أى أيام 13 و 14 و15 من الشهر العربى) لأن كل ذلك سنن مستحبة.ولقد ترسخت عادة أن طعام المعتقلين وجبتان فقط في اليوم لقلة الطعام كما لم يكن يمكن لأى شخص أن يتناول طعاما في غير الأوقات المحددة, وطبعا كان الصائمون يتسحرون قبل الفجر, ثم عندما أصبح الطعام وفيرا إستمر أكثر المعتقلين على عادة الإكتفاء بوجبتين في نفس المواعيد لكن صارلكل أحد حرية أن يتناول أى طعام في أى وقت.وبعد وجبة العشاء بقليل يحين موعد صلاة العشاء ونصليها, وبعدها ينام الذين يواظبون على قيام الليل و كذا الذين لا ينامون بعد صلاة الفجر أما الباقون فيجلسون لبعض الوقت ثم ينامونكانت الممارسات السابقة لقضاء الوقت تهدف بالأساس لدى الأغلبية للترقى في العمل الصالح وتطوير الذات علميا, وإتخذت العملية شكل التحدى لأن إجراءات الأجهزة الأمنية كانت واضحة في أنها تهدف لهدم عقول المعتقلين وتأخيرهم علميا و إقتصاديا و إجتماعيا, لكن البعض كان يرى أن الوسائل والمواد العلمية المتاحة والجو النفسي المحيط لا يسمح بترقى علمى حقيقى لكن ما يجرى من جهود علمية هو مجرد إجراءات تهدف لإشغال المعتقلين عما هم فيه من هم وبلاء.لكن الآن بعد هذه السنوات نجد أن نتائج التحصيل العلمى الذى حصله الكثيرون موجودة, فهناك أشخاص حفظوا مئات بل آلاف الأحاديث النبوية وهناك من حفظوا العديد من المتون العلمية وفهموها وهناك من تعلموا عددا من قراءات القرآن الكريم وصل الأمر مع بعضهم إلى إتقان القراءات العشر المتواترة, وهناك من أتقن لغة أجنبية اوأكثرخاصة الإنجليزية والفرنسية والألمانية والعبرية فضلا طبعا عن العربية أو السياسة أو التاريخ أو العلوم الشرعية.كما أنه عندما سمحت لنا الأجهزة الأمنية بالدراسة فقد حصل الكثيرون على شهادات علمية جامعية, وإختلف هذا السماح من شخص لشخص و من سجن لسجن و من وقت لوقت.
وأنا شخصيا لم يسمحوا لى بتكملة دراسة الماجستير في كلية الأداب في التاريخ الحديث حتى يوم خروجى من السجن (أغسطس 2007م) رغم إلتحاقى بدراسات الماجستير منذ 1990م بينما سمحوا لأخرين بإتمام الماجستير ثم الدكتوراه بنفس السجن، كما لم يسمحوا لى بالدراسة الجامعية (مرحلة البكالوريس) إلا فى السنوات الأخيرة (أخر أربع سنوات), وقد انتهزت هذه الفرصة لما يأست من عمل دراسات الماجستير بالسجن وحصلت على بكالوريوس الدراسات الإسلامية و العربية, وعلى معادلة البكالوريوس في الإقتصاد الإسلامى (أى تخصص فرعى).لم يكن الوقت كله للصلاة وتلاوة القرآن والتعلم بل كان هناك أوقات للسمر وتجاذب أطراف الحديث وحكاية ما لدى كل شخص من الطرائف التى مر بها في حياته ونحو ذلك, وهذا عادة ما يكون في أوقات غفلة السجانين أو تغافلهم, وعادة ما يكون ذلك أيام الأجازات و أيام الجمعة وبالليل, لكن بعد عام 2001م أصبحت فرص التسلية والترفيه أكبر و أفضل, لكن ذلك أثر إلى حد كبير على جهود الكثيرين في التعلم وتلاوة القرآن فلم تعد هذه الأمورعند البعض بنفس الهمة والنشاط السابقين

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق