التعذيب بالإرشاد





التعذيب بالإرشاد

ومن الوسائل التى كانت تلجا لها امن الدوله فى المعتقلات من باب الحرب النفسية والايذاء المعيشى للمعتقلين هو تجنيد ضعاف النفوس والمنتكسين  الذين انعدمت ضمائرهم وتاكلت الرحمة فى نفوسهم بفعل السجن وشظف العيش وانعدام الايمان  فتعاونوا مع الظالم على المظلوم حتى يعيشوا فى كنف الظالم يقتاتوا من فتات ما بلقيه اليهم من اباحة بعض الممنوعات والاعفاء من العديد من وسائل التعذيب البدنى والنفسى ولكن ايضا فى اطار السجن لا تتعدى اسواره كان المرشدون يتمتعون ببعض الممميزات مثل الخروج للتريض فى حوش السجن فى الوقت الذى تبقى الزنازين مغلقة على اصحابها بالسنوات وكذلك بالسماح بدخول التليفزيونات الى زنازينهم ليشاهدوا الاغانى والمسلسلات فلا عجب فمثلهم لن يكون همه الحصول على مصحف او كتابا علميا او شرعيا لان نفوسهم قد ارتكست فلا تشعر بالحنين الا لما حرمه الله وتشعر بالنفور من كل طاعات الاسلام فكان العديد منهم يترك الصلاة ويحلق لحاه ويشرب الدخان ويظل يحوم فى ارجاء السجن يتلصص السمع على ابواب الزنازين بحثا عن فريسة جديدة يرضى بها اسياده من الظالمين ويتقرب بها اليهم زلفا كان هؤلاء المرشدون تتدرج ارشاديتهم ابتداءا من الابلاغ عن وجود ابرة ما فى احدى الزنازين او سخانا كهربيا  او مصحفا وانتهاءا ببلوغ علمهم ان بعض المعتقلين على علاقة باشخاص اسلاميين خارج اسوار السجن او ان بعضهم  يقوم اصدقاءه فى الخارج بارسال مساعدات مادية لاسرته لتتقوت بها وتعينها على متطلبات الحياة فيطير بها المرشد فرحا مسرورا الى اسياده يبلغهم ما سمع فتقوم امن الدولة بسحب الاخ بعد منتصف الليل الى لاظوغلى ويقومون بتعذيبه حتى يعرفوا اسم الاخ الذى يساعده ماليا ويقومون باعتقال الاخ وتهديد اسرة المعتقل وفى بعض الاحيان احتجاز وتعذيب احد افراد اسرته  اذكر ان احد اصدقائى من المعتقلين اعتقل لمدة 6 سنوات وعندما دخل المعتقل اكتشف انا اخو زوجته المعتقل منذ عدّة سنوات قد انتكس وارتكس واصبح مرشدا لامن الدولة وكان يتجنبه لذلك وكانه لا توجد بينهما اى صلة قرابه حتى ان زوجته كانت تاتى لتزوره ثم تاتى مع امها فى يوم منفصل لزيارة اخيها الا ان انتكاسه هذا المرشد كانت مع مرور الزمن فى الارشاد والخيانة قد وصلت الى مرحلة فاقت التوقعات فقد علم فى احدى المرات ان اخته ستضع رسائل لزوجها فى الطعام فابلغ مكتب امن الدولة وقاموا بتفتيش الزيارة ليجدوا الرسائل والزوجة تحكى فيها لزوجها ان احد الاخوة الافاضل من اصدقائه الذى يدعم اسرتهم ماليا فى ظل غياب صديقه فما كان من امن الدولة الا ان قبضت على الزوجة وعلى الصديق الذى كان يساعدها وتم تعذيبهما وتم نزع نقاب الاخت وصفعها على وجهها واحتجازها عدة ايام اما الاخ فتم احتجازة وتعذيب لاكثر من اربعين يوما وقد قابلته بنفسى فى احدى الافراجات التى نزلت فيها الى لاظوغلى وكان شابا اسلاميا رائع الاخلاق محتسبا عند الله ما يصيبه وكان له طفله صغيرة حينها وكان يعمل فى شركة مايكروسوفت اطلقت امن الدولة سراح الاخ بعد فترة طويلة من الاحتجاز والتعذيب وفرضت عليه متابعة امنية مع التحذير من محاولة مساعدة اى من اسر المعتقلين مرة اخرى وعلى مثل هذا المستوى من الانحطاط قس افعال المرشدين الذين كانوا على استعداد الى فعل اى شىء لارضاء سادتهم فى امن الدولة ليكتسبوا بذلك فتاتا من رغد العيش فى اطار اسوار السجن والامال الخادعة بقرب اطلاق سراحهم وسبحان الله كان الله يمكر بهم ويعاقبهم على ما يفعلون بانهم كانوا دائما يكونوا اخر الناس خروجا وقد لبث معظمهم ما يزيد على العشر سنوات والخمسة عشر سنه فى هذه الحال من الخيانة والبعد عن الله ذلك هو السجن الحقيقى ان يحبس قلبك عن الله
كنا حين ننزل للافراج فى لاظوغلى من معتقلات مختلفة نصل لما يزيد عن المائة فى الحجز نتواصى فيما بيننا هل هناك مرشدا ام لا وان كان يوجد احدهم فنتواصى باخذ الحذر فى احاديثنا حتى ينام هذا المرشد او يتم ترحيله الى السجن مرة اخرى فنتنفس الصعداء بعد التخلص من هذا الشخص السرطانى المؤذى وكنا نستعيذ بالله دوما من شرهم فقد كان الواحد منهم اذا لم يجد ارشادية معتبرة ترضى اسياده من ضباط امن الدولة كان يلجا الى حبك قصة وهمية ياخذ احد اطرافها من اى حديث دار امامه بين اثنين معتقلين ولا يبالى ما سيؤل اليه هذا الافك من اذية اناس ابرياء فكم فجعوا قلب ام مكلومه بان تسبب هؤلاء المرشدون فى حرمان معتقل من زيارة اهله لفترات او ترحيله من سجن قريب من بلده لاخر بعيد عنها او زيادة مدة اعتقاله عدة سنوات وكم وجعوا قلب زوجة ثكلى تعد الايام فى انتظار رؤية زوجها او عودته اليها وكان هؤلاء الجواسيس ولله الحمد قلة قليلة لا يتعدوا زنزانتين او ثلاثة فى كل معتقل وسبحان الله كانت اثار معصية الله وخياناتهم تظهر على وجوههم فكنا نعرف الواحد منهم ونميزه رغم عدم معرفتنا له من قبل كنا نعرفهم فى لحن القول وفى نظرات اعينهم المتفحصة الخبيثة ان نظرة عين الاخ الاسلامى الصادق لا تخطئها العين ابدا تلك العين البريئة المحبة المخبته التى تشع بنور الايمان والحب والاخاء والمودة الصادقة لا يمكن ان تختلط بها ابدا نظرات الخبثاء المتربصون بالمؤمنين الدوائر فكانت تدور عليهم دائرة السوء ويكتسبون سوادا فى وجوههم اذكر انى بعد خروجى من المعتقل بسنة تقريبا قابلت احدهم فى احد المساجد الذى تعقد فيه الدروس العلمية الشرعية وهو مسجد العزيز بالله بالزيتون شاهدته وحاولت التهرب منه وتجاهله الا انه استوقفنى وفوجئت انه لا يزال يذكر اسمى ومنطقتى التى اعيش فيها واخذ يتفحصنى بعينيه ويسالنى عن مكان سكنى وعملى باسلوب خبيث كانه يطمئن على احوالى استطعت التملص منه والمغادرة الا اننى فوجئت به يتبعنى فى الطريق الذى اسير فيه فاسرعت الخطى وانعطفت الى طريق اخر حتى استطعت الافلات من متابعته ثم فوجئت بعد شهور بوصول معلومة وجودى فى هذا المسجد الى ضابط امن الدولة المخصص لمتابعتى والمعتقلين من منطقتى السكنية  فايقنت حينها ان داء الارشاد اصبح فى دم هؤولاء المرشدين بعد ان ارتكسوا فى هذا المستنقع كنا نسعيذ بالله من مثل هؤلاء كما نستعيذ من زبانية امن الدولة اذكر ان احد هؤلاء المرشدون ولكن فى خارج المعتقل وكان يعمل فى ادارة احد المساجد ومؤذنا فيها وجدته يحدث ضابط امن دولة خارج المسجد فى يوم الجمعة ويتفق معه الى اقتياد خطيب الجمعة بعد الخطبه اليهم عند باب المسجد الرئيسى ليقبضوا عليه وكان هذا الخطيب صديقا لى ومن الخطباء البارعين المؤصلين لعلومهم الشرعية رغم صغر سنه وانا فى اثناء الخطبة استطعت رؤية الضباط ينتظرون بالميكروباص فى الخارج وبعد انتهاء الخطبة اسرعت له محذرا اياه وحاولت اخراجه من الباب الخلفى للمسجد ولكن المرشد خائن المسجد اخذه من ذراعه وجذبه فى سرعة وغافله بالحديث وهما يتحركان تجاه الباب الذى ينتظره عنده ضباط امن الدولة حتى سلمه اليهم حينها اشتطت غضبا وانتظرت مغادرة امن الدولة واخذت ابحث عن هذا الخادم لامن الدولة ولم اجده الا فى صلاة فجر اليوم التالى فاوقفته خارج المسجد بعد الصلاة وعنفته بقوة وفضحته وفضحت عمالته على الملاء  امام المصلين ومرت السنين وبعد دخولى للمعتقل بسنوات قابلت فى حجز لاظوغلى احد العلماء الذين تتلمذوا على يد العلامة ابن العثيمين فى الحجاز وكان يسكن فى منطقتنا وقد تم اعتقاله بسبب نفس هذا المرشد الذى تشاجرت معه رغم تحذيرنا للشيخ بتوخى الحذر منه .
كنا عندما ننزل افراج الى حجز لاظوغلى ويكون هناك مجموعة من الشباب المحتجزين مؤقتا للنحقيق معهم وتعذيبهم كنا نحذرهم من وجود بعض المرشدين فى وسطنا ونطلب منهم الا يتحدثوا مع احد بخصوص قضيتهم او اى معلومات تخص احدا من اصدقائهم لان المرشد كان يستغل هذه الظروف ويحوم حول هؤلاء الشباب مستغلا انخداعهم بكونه معتقلا فيستتدرجهم فى الحديث ويلتقط منهم اى معلومة فيطير يطلب من السجانيين خلسة مقابلة الضابط ويصعد اليه يخبره بما سمعه لذلك كنا نشرح الوضع فى ايجاز للمستجدين فى الحجز ونتركهم ونعود الى معتقلاتنا والشباب يودعنا بدموع عينيه وهم يدعون الله لنا بفك اسرنا ونحن نبشرهم ان حجزهم لن يطول وانهم سيعودون الى اسرهم مرة اخرى ولن يتم اعتقالهم حتى اننا كنا نضطر للمبالغة فى الاسباب التى من اجلها اعتقلنا ونقول للشباب اما انتم فلا يوجد اسباب فى قضيتكم تستدعى الاعتقال ونحن فى نفوسنا نعلم انه من الممكن جدا ان نجدهم يدخلون علينا من باب الزنزانة بعد عدة ايام وكثيرا جدا ماكان يحدث ذلك
كانت العمالة والتواطىء للمرشدين تصل فى بعض الاحيان ان يقوموا هم بانفسهم مع ادارة السجن فى تفتيش الزنازين والبحث عن اماكن التامين التى كنا نؤمن فيها ادواتنا المعيشية كما سياتى تفصيله بعد قليل وكان اصعب تفتيش يمر على المعتقلين هو التفتيش الذى يشارك فيه المرشدون او يوجهون العساكر فيه لانهم جزء من المعتقلين يعلمون كيف يفكر المعتقل واين يؤمن اشياءه وادواته الا انهم كانوا يشتركون مع المخبرين فى شى اخر الا وهو طمس البصيرة الذى كان الله يعاقبهم به رحمة بنا وحماية لنا منهم فيكون الواحد منهم فى التفتيش اقرب ما يكون الى مكان التامين ثم يمر عليه دون ان يراه او يجده رغم اقترابه الشديد منه وكانت تلك رحمة من الله بالمعتقلين
كان المرشدون يرفعون تقاريرا دورية شفوية وتحريرية عن الاوضاع داخل المعتقل واحوال المعتقلين وعن كم الممنوعات من الادوات المعيشية  وعن وجود راديو مسرب من عدمه اوكتاب او مصحف وهل هناك دروس يقوم احد المعتقلين من طلبة العلم القاءها داخل الزنزانة ام لا وهل تصلى الزنازين صلاة الجمعة ام لا وما هو مضمون الخطبة فى الزنازين  حتى ان تقاريرهم لم ترحم الشاويشية والضباط الذين كانوا يتعاونون مع المعتقلين فى تسهيل دخول الممنوعات او الفتح لتهوية الزنازين سواءا عن طريق الرشوة او تعاطفا من القليل منهم مع المعتقلين فكان ضباط السجن انفسهم
والشاويشية والمخبرين يخشون المرشدين ويخشون من تقاريرهم التى يتم رفعها الى مكتب امن الدولة داخل المعتقل

إقرأ أيضا : التعذيب بمنع الزيارات أوسوء أوضاعها

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق