التعذيب بالحرمان من الدراسة




 التعذيب بالحرمان من الدراسة

غالبا ما كان يتم اعتقال الشباب الاسلامى وهو فى مراحل عمره الدراسية سواءا الثانوية او الجامعة او الدراسات العليا وفى كثير من الاحيان كان يتم القبض على الاخ قبل امتحانات نهاية العام بفترة بسيطة مما يؤدى الى حرمانه من الامتحانات وضياع السنة الدراسية عليه او على الاقل خروجه قبل الامتحانات بيوم او اثنين لا يكونان كافيان لتعويضه ما فاته من دراسته وكثيرا ما كان ضباط امن الدولة يفعلون ذلك عن عمد لتضييع المستقبل التعليمى للشباب الاسلامى هذا  بالنسبة لمن يتم احتجازه لفترة استجوابات طالت ام قصرت ثم يخرج اما من وضع على قائمة الاعتقالات فقطار السنيين التعليمية التى تفوته طويل وحدث هذا معى شخصيا اذ تم اعتقالى وانا فى الفرقة الثانية بكلية الاداب قسم الدراسات الاسلامية جامعة المنيا وفى الفترة التى كنت فيها معتقلا لم يكن يسمح لطلبة الجامعات بالامتحان ثم لما سمحوا بذلك اول الامر سمحوا لجامعات القاهرة وعين شمس ولم يسمحوا لجامعات المحافظات وبعد فترة تم السماح لنا ايضا باداء الامتحانات وكنت من اول دفعة يتم السماح لها بالامتحان فى جامعات المحافظات وتم ترحيلى ومعى زملائى من كافة المعتقلات من طلبة كليات جامعة المنيا الى سجن المنيا العمومى ويا ليتهم امتحنونا فى نفس السجن الذى كنا فيه كان من الممكن حينها  المذاكرة خصوصا والقرار صدر قبل الامتحانات باسبوع فقط وعندما تم الترحيل كانت المدة الباقية على الامتحانات 3 ايام تقريبا  لكنهم وضعونا فى زنازين جماعية كبيرة العدد مزدحمة للغاية حيث كنا فى الحجز فوق ال 60 اخ لا نستطيع التنفس فضلا عن المذاكرة ولم تكن كتب المناهج قد وصلتنا بعد حتى اتت ليلة الامتحان ووصلت الكتب وبالطبع لم تكن هناك اى فرصة للمذاكرة وفى نفس الوقت علمنا ان المراقبون سيسمحون بالدخول الى اللجنة بالكتب لتعاطفهم وتفهمهم للحالة التى كنا فيها ولكنى قدمت اعتذارا عن الامتحان فى هذه السنة لرفضى لمبدا الغش والذى لم افعله طوال حياتى التعليمية و عزمى على اداء الامتحانات بعد تهيئة الجو للمذاكرة حتى ولوكنت ساؤجل الامتحانات. هذا ما حدث معى اما ما حدث مع اخوانى فالكثير والكثير كان لى صديق وانا فى الثانوية العامة واسمه وائل الحسينى وكان شابا متدينا ذا خلق رفيع وكان يصلى بنا فى المدرسة فى الفسحة صلاة الظهر جماعة وكنت ارى المصحف فى يديه فى كل الاوقات وكان حلو الحديث طيب القلب وبعد اداءنا لامتحانات الثانوية العامة وقبل ظهور النتيجة جاءنى خبر اعتقاله هو واثنين من زملاءنا فى المدرسة وظل ما يقارب ال8 سنوات او يزيد فى المعتقل ولم يتمكن من الالتحاق باالجامعة سوى فى السنوات الاخيرة من اعتقاله وكان العديد من اخوانى فى المعتقل من طلبة الطب والهندسة وهذه الكليات العملية بالذات كان يستحيل دراستها من داخل المعتقل نظرا للشق العملى منها وظلوا محرومين من اداء الامتحانات سنوات عديدة حتى تم السماح لطلبة الهندسة فى السنوات الاخيرة لاداء الامتحانات ومن هؤلاء كان اخو زوجتى حيث دخل الى المعتقل بعدى ب3 سنوات وخرجت قبل خروجه بسنة وكان فى السنة النهائية من كلية الهندسة بجامعة الازهر وكنت همزة الوصل بينه وبين طلبة المدينة الجامعية الذين تعاونوا معى بكل شهامة تعاطفا مع زميلهم المعتقل وكنت ارجع الى المعتقل ولكن هذه المرة زائرا لا مزورا واحضر له الملازم والكتب التى يحتاجها حتى ادى الامتحانات وحصل على البكالوريوس بدرجة جيد جدا وامتياز فى مشروع التخرج و كثير من الاخوة المعتقلين ذوى الامكانيات العلمية العالية والقدرات الدراسية المتفوقة ضاعت عليهم السنوات الطويلة فى مشوار التحصيل العلمى  حتى كانت السنوات الاخيرة من الاعتقال فانطلقوا يحصدون اعلى الشهادات ومن المواقف المؤثرة جدا والفريدة ايضا فى نفس الوقت التى كان يتعرض لها الطلبة المعتقلين حين كانوا يؤدون الامتحانات فى الكليات نفسها فتاخذ سيارة الترحيلة الاخوة بثيابهم البيضاء الناصعة وفى ايديهم الكلابشات مقيدين الى بعضهم البعض او مقيدين بايدى العساكر فيدخل الاخ الى مقر كليته التى ربما كان طالبا فيها من قبل وهو فى حريته وله زملاء فيها او كان اول مرة يدخلها والطلبة من حوله  جميعا ينظرون اليه ويتفحصون هذا المشهد العجيب ينظرون الى قميصه الاسلامى الناصع البياض والى ملامح وجهه يتفرسونها يستشفون ما طبيعة هذا المعتقل وتلك التدابير الامنية المشددة من حوله هل هو حقا مظلوم فلئن كان كذلك فهذا المشهد الذى نراه لهو مشهد تشريف لذلك البطل الذى ما اقتادوه مكبلا بالاغلال الا لانه لم يرتضى الانصياع فى دنيا العبيد وواجه الظلم والباطل وها هو الباطل ينال من جسده فى هذه الجولة مقيدا له بالقيود ولكن روحه قد وثبت متحرره من ذلك الجسد المقيد تتباهى بين الناس وتلفت انظار المشاهدين متوشحة بتاج الحرية الحقيقية حرية الغرباء فى دنيا العبيد
ومن طرائف الامور ان المخابرات الامريكية كانت قد اعتقلت اثنين من المصريين الاسلاميين على اثر احداث 11 سبتمبر من النمسا حيث كانا يدرسان ويعملان هناك احدهما دكتور فى الكيمياء وهو الدكتور احمد عجيزة والاخر شاب مدرس مساعد فى الذرة وكنا نسميه محمد الذرى وكان من نصيب طلبة الثانوية العامة من اخواننا انهم كانوا يتلقون منهما دروس الكيمياء والفيزياء لمنهج الثانوية العامة. وقد شاهدت ايضا من حصل فى الداخل على دكتوراه فى العلوم السياسية واحد زملاء زنزانتى جمال عبد الحميد من قرية العدوة مغاغة بالمنيا امتحن الثانوية العامة وحصل على مجموع  كلية الطب وقدم اوراقة ولم يكن مسموحا بعد بالدراسة فيها فدخل الثانوية العامة مرة ثانية وحصل ايضا على مجموع طب اذ كان عقلية عبقرية ولكنه قدم اوراقه لكلية هندسة وايضا لم يسمح له بالدراسة فيها حتى كانت السنوات الاخيرة وبدا الامتحان فى كلية الطب ولعله اصبح طبيبا الان  وابو رضوان زميل زنزانتى وقد رايته بنفسى يذاكر الثانوية الازهرية وهو الان استاذ محاضر بكلية اصول الدين وغيرهم الكثير والكثير من الاف الشباب الاسلامى كان الاعتقال معوقا لهم عن العطاء العلمى واثراء المجال  العملى و الاكاديمى.



الضرب والإهانة فى لجنة الامتحان

من المعلوم والمستقر لدى الجميع ان الحالة النفسية والمزاجية لها اكبر الاثر  على الطالب فى فترة الامتحانات وتبلغ تلك الاهمية ذروتها فى لجنة الامتحان ولذلك تقوم المؤسسات التعليمية بتوفير مناخ هادىء مريح للطلاب داخل اللجان اثناء اداءهم للامتحانات الا ان هذا الترف لم يكن متاحا للمعتقلين بل على العكس تماما كان المعتقلون فى كثير من المعتقلات وخصوصا معتقل الوادى الجديد وابو زعبل يتم اقتيادهم الى لجنة الامتحان كاسرى حرب لا زالت مشتعلة يتم ضربهم طوال الطريق من الزنزانة الى مقر اللجنة داخل السجن بالعصى والايدى والارجل ويتم تذنيبهم على الحائط والقيام بعملية التنظيم السابق ذكرها لمدة طويلة ويتم ارباكهم اثناء اجابة الامتحان تخيل معى مدى الارتباك والاضطراب الذى يعانيه الطالب العادى فى لجنة الامتحان من مرور المراقبين وتواجدهم فكيف اذا كان المراقب سجان وجلاد فى نفس الوقت وبعد تادية الامتحان يتم استئناف وصلات الضرب والتعذيب حتى الرجوع الى الزنزانة مرة اخرى
ويظل الاخ يحمل هم ما سيحدث له فى اللجنة فى الامتحان القادم اكثر مما يحمله من هم الامتحان نفسه حتى ان البعض كان يرفض الخروج واداء الامتحان تلافيا لهذا التعذيب لعلمهم ان الضرب هذا قد يصل فى بعض الاحيان الى العاهة المستديمة

ومن الاخوة الذين قابلتهم وحدثت معه مثل تلك الاحداث بالفعل وتعرض لها وهو فى طريقه للجنة الامتحان اخى جمال الذى ذكرته فى السطور السابقة والذى دخل لكلية الطب من خلال دراسته وامتحانه فى المعتقل

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق