التعذيب بتدمير الحياة الإجتماعية للمعتقل



 التعذيب بتدمير الحياة الإجتماعية للمعتقل

كانت سياسة امن الدولة مع المعتقل هى تدمير حياته من جميع جوانبها او شلها لاطول فترة ممكنة والدراسات والدورات السيكولوجية التى كان الضباط يتلقونها تقرر ان المحضن الاجتماعى للشاب المعتقل واسرته هما اساس التوازن فى حياته فلذلك كان العمل الدؤوب من جانبهم على تدمير الحياة الاجتماعية للمعتقل وتفكيك اسرته حتى يقع تحت حالة رهيبة من الضغط والاضطراب تفقده توازنه النفسى ومن ذلك كان ما تفعله امن الدولة من الضغط على كثير من اسر زوجات المعتقلين حتى تضطر الاسرة للضغط على الزوجة وتطليقها او ان يتم اعتقال الاخ لسنوات عديدة تصل ل15 سنة وتتعداها لتصل للربع قرن من الزمان كان اعتقال الاخ لكل هذه المدة فى كثير من الاحيان كفيل بارهاق زوجته واولاده فى الخارج بمتطلبات الحياة والمعيشة فى ظل غياب عائلهم والذى قد يكون العائل الوحيد لهم فلتجا الزوجة الى الخروج للبحث عن العمل ومصدر رزق لاولادها ويمنعها فى كثير من الاحيان حجابها ونقابها والتزامها باحكام الاسلام من منع الخلوة والاختلاط الى تقليل فرص العمل وقد كان هذا الضغط فى بعض الاحيان يؤدى الى طلب الزوجة الطلاق حتى يتسنى لها بدء حياة جديدة مع شخص اخر  يحيا حياة الحرية ويتمكن مما يعجز عنه الرجل القابع وراء الاسوار وعلى الطرف الاخر كان الغاليبة العظمى من زوجات المعتقلين يضربون المثل الاروع فى الصبر والوفاء والتحمل والتضحية فكانت الزوجة ترعى الصغار وتتابع زوجها الاسير بالزيارات والاطعمه والملابس وتدور على المحامين لعمل تظلم قضائى لزوجها او تصريح زيارة وهكذا فى حركة دؤبة مستمرة لا نهائية وتدور الشهور والسنين وينصرم العقد من الزمان ويبدا العقد الذى يليه تتابع سنواته حتى تصل لل18 عاما وقد يزيد وقد دخل المعتقل الاخ شابا والزوجة فى ريعان الشباب ويخرج الاسير وقد صار الاولاد الصغار هم الشباب والاسير ورزجته قد جاوزا الاربعين من عمرهما ولم يحيا معا سوى سنوات قليلة وفى بعض الاحيان كان الاخ يعتقل وهو فقط قد عقد زواجه كتابيا على الاخت فتجلس تنظره حتى تصل مده اعتقاله الى 15 سنة وكان هذا اخى وصديقى وحبيبى فى الله محمد غنيم من عين شمس وكان شابا وسيما جميل المحيا بشوش الوجه دائم البسمة طيب القلب تتتحدث معه فتحبه من اول لقاء لا محاله تشعر حين تلقاه انك مع صديق قديم يجلس معك يحادثك يطمئن على حالك يطيب قلبك بالكلام الطيب وذكر الله وعلى الطرف الاخر زوجته اخت فاضلة مجاهدة كانت ترعى زوجها المعتقل كل تلك السنوات مع انها كان من الممكن ان تفعل مثلما كان البعض يقول لها انه مجرد عقد كتابى ولم يتم الزواج فتطلقى وابداى حياتك الا ان الاخت الصابرة المجاهدة علمت ان لها دورا فى تثبيت قلب زوجها وهو فى اسره وكما انه قد بذل نفسه فى سبيل الله فعليها هى ايضا الا تكون اقل بذلا منه ولم تكتفى الاخت بذلك بل تعدى الامر لمعاونتها للعديد من زوجات وامهات المعتقلين الاخرين فكانت الاخت تذهب لعمل تظلمات للكثير من المعتقلين وتجمع من زميلاتها التبرعات لرعاية اسر المعتقلين الفقيرة وكفالتها وكانت تقوم هى والعديد من زوجات وامهات الاسرى بعمل هيئة اغاثية مصغرة لرعاية شئون المعتقلين الماسورين فى سبيل الله واسرهم وفى هذا المئات والالاف من الامثلة الفذة الرائعة والتى ساذكر ان شاء الله فى السياق بعضا منها و لا يفوتنى فى هذا المقام ان اتوجه بجميل الشكر والثناء لزوجتى سندى ورفيقتى فى محنتى والتى تحملت الكثير والكثير طوال سنوات اعتقالى وهى صابرة محتسبة ترعى اولادى وترعانى ولقد قمت بما يتوجب على شرعا من تخيير زوجتى حينما طالت سنوات الاعتقال ولم نكن ندرى متى سنخرج ومتى سيكون اللقاء خيرتها بين ان تصبر وتتنتظر او اسرحها سراحا جميلا فما كان منها الا ان حزنت انى لمحت مجرد تلميح لهذا الامر وطالبتنى الا اتحدث بمثل هذا الكلام مرة اخرى واستمرت رسائل الحب والشوق بينى وبين زوجتى عبر المئات من الرسائل التى يعلم الله كم كنا نعانى فى كتابتها وتوصيلها فى ظل غلق الزيارات السنوات الطويلة وسافرد لهذا الموضوع فصلا مستقلا فى الصفحات القادمة ان شاء الله وكذلك الامهات الذين قد لعبوا دور البطولة والاباء الذين صبروا وانفقوا والاشقاء الذين ساعدوا وبذلوا حتى الحماوات امهات الزوجات كان لهم دور بطولىّ كبير وهذا قد حدث معى شخصيا اذ كانت ام زوجتى ام شريف لها الفضل علىّ بعض الله فى رعايتى مع زوجتى اثناء اعتقالى وكانت لا تالوا جهدا فى السفر ورائى فى كل المعتقلات التى ذهبت اليها ورغم ما كانت تعانيه من تعب السفر وسوء المعاملة من ادارات السجون والوقوف فى الشمس الساعات الطويلة وهى ترتدى النقاب الاسود  وتحمل فى يدها حقائب الزيارات المليئة بالاطعمة والملابس لى ولاخوانى وفى النفس الوقت الذى كان ابنها اخو زوجتى طالب هندسة حاسوب بالازهر شريف مطلوبا لامن الدولة حينما اعتقلونا وكان حينها يؤدى مناسك العمرة ولذلك ظل هناك ل3 سنوات تلافيا لقدومه واعتقاله وقد احجل الدراسة فى كليته وكان فى السنه النهائية وعندما عاد الى مصر بعد 3 سنوات قاموا باعتقاله معى لمدة اربع سنوات  فكان الحمل ثقيلا على ام زوجتى حملا ماديا ومعنويا ونفسيا الا ان التزامها بشرع الله والعقيدة الاسلامية التى ربتت على قلبها مكنّها من تحمل كل هذه الاعباء دون ضجر او شكوى وبكل صبر واحتساب  فجزاءها الله عنا خير الجزاء وجزا الله كل امهات الاسرى وزوجاتهم وابائهم  افضل واحسن  الجزاء.

إقرأ أيضا : التعذيب بتدمير المستقبل المهنى والوظيفى

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق