التعذيب فى حالة المقاومة



 التعذيب فى حالة المقاومة

من شهادة حسن على فى كتابه محنة الاسلاميين

ولكن برغم هذه الأوضاع المتردية كانت هناك حالة من الرفض أو الاستسلام والركون لهذه الأوضاع فقمنا في سجن الليمان بعمل إضراب عام في السجن لتحسين الأوضاع والمطالبة بتحقيق أبسط الحقوق الآدمية فوعدت الإدارة في السجن بتحسين الأوضاع والاستجابة لمطالبنا ولكنها لم تنفذ ذلك وكانت تماطل وتتهرب من التنفيذ فبدأت بعض المناوشات البسيطة من حين لآخر لحضهم على الاستجابة لبعض المطالب البسيطة مثل علاج شخص مريض أو الخروج للتهوية لفترة أطول أو غير ذلك ثم تطور الأمر إلى صدام مباشر
ففي العنابر طلب بعض الأفراد من ضابط العنبر أداء صلاة الجمعة في فناء العنبر حيث أنه كان غير مسموح لنا أداء صلاة الجمعة لذلك كانوا يدخلوننا الزنازين قبل الصلاة ثم بعد الصلاة يبدأ فتح الزنازين بالتناوب مرة أخرى فعندما طلبوا منه ذالك رفض وبشدة وأخبرهم أن هذا ممنوع وفي أثناء الحديث معهم قام برش إسبراي كان في يده عليهم مما أدى إلى اختناقهم وكان أحدهم مريض بالقلب فسقط مغشيا عليه ولم ينتهي الأمر عند ذلك بل أمر من معه من العساكر أن يضربوا كل من يقف خارج الزنازين وإدخالهم بالقوة إلى الزنازين،
فما كان من بعض الإخوة إلا أن أمسكوا بالعصي التي مع العساكر التي يضربونهم بها وضربوهم وخطفوا أربعة عساكر وحاولوا الإمساك بالضابط ولكنه هرب بسرعة خارج العنبر وبعد قليل جاءت قوات كبيرة وقاموا بضرب قنابل مسيلة للدموع وأخرى خانقة داخل معظم العنابر حتى التي كانت لا تعلم شيئا عما حدث هناك في ذلك العنبر وفي أثناء ذلك كان البعض خارج الزنازين وهم قليل والبعض الآخر في الداخل فأصيب الجميع بالاختناق خاصة من بالداخل حتى إن بعضهم قد أصيب بالإغماء فالزنزانة في وضعها الطبيعي يكاد يتنفس فيها المرء بصعوبة فماذا سيحدث إذا زاد الأمر بالغازات الخانقة؟!
كان الذين في الخارج يحاولون أن يفتحوا أبواب الزنازين بأي وسيلة لإنقاذ من فيها حتى لا يموتوا من الاختناق وقد نجحوا في فتح بعضها بينما فشلوا في البعض الآخر كل ذلك يتم تحت وابل من القنابل فكان بعض الإخوة يأخذ القنبلة التي تسقط ويضعها في جردل الماء حتى يفسد تأثيرها وأحيانا أخرى يقذفها عليهم مرة أخرى، ولقد تحول هذا المكان الضيق في السجن إلى ساحة معركة غير متكافئة بين أفراد مكبلين في الحركة وليس لديهم أي إمكانيات وآخرين لديهم كل الإمكانيات والأسلحة المختلفة.
وبعد أن هدأت الأمور أدخلوا أفراد العنبر جميعا إلى الزنازين ثم دخلت قوات كثيفة إلى العنبر وأخرجوا كل زنزانة على حدة وقاموا بضرب من فيها ضربا شديدا حتى إن البعض كان لا يقوى على الحركة من شدة الضرب حتى انتهوا من العنبر كله ولم يكتفوا بذلك بل حرروا محضر شغب وتمرد ضد بعض أفراد العنبر. وعندما جاءت النيابة لتعاين المكان لم تسأل أحد من أفراد العنبر واكتفت بأقوال طرف واحد فقط وهم إدارة السجن حتى إن جميع أفراد العنبر لم يعرف أن هؤلاء وكلاء نيابة بل ظنوهم ضباط من المصلحة جاءوا لمعاينة المكان.
وفي اليوم التالي وأثناء خروج أحد الإخوة من السجن لجلسة نيابة استطاع أن يخرج معه قنبلة فارغة وعرضها على وكيل النيابة وشرح له ما حدث في السجن لكنه لم يفعل شيئا بالرغم من أن وجودنا في السجن هو على ذمة النيابة أي أنها من المفترض أن تشرف علينا.
كانت الأحوال في سجن المرج تسير على نفس الوتيرة من سوء المعاملة والتضييق عليهم وقد حاولوا التحدث مع الإدارة لتحسين الأوضاع فلم يجدوا آذان صاغية لهم غير الجفاء والغلظة في الرد فتم عمل إضراب في السجن كله فلم ترعى لهم الإدارة أي اهتمام إلا بعد 14 يوما من الإضراب ووعدتهم بالاستجابة لبعض المطالب البسيطة مثل التهوية حيث كانوا يخرجون بعد محاولات كثيرة لمدة دقيقة واحدة ثم يدخلون مرة أخرى فزادت إلى خمس دقائق ثم ربع ساعة وعدد محدود من الزنازين ثم بالتناوب مع عدد آخر مماثل ولم تتحسن بقية الأوضاع، فلما وجدوا أن الإضراب لم يأت بنتيجة تذكر خططوا لخطف بعض القائمين على إدارة العنبر وأخذهم كرهائن والمساومة عليهم لتنفيذ بعض المطالب المشروعة والتي لابد منها لأي كائن حي للبقاء على قيد الحياة.
وفي يوم التنفيذ كان بعض الأفراد خارج الزنازين للتهوية كالمعتاد وعندما دخل ضابط العنبر ويدعى فتحي وأمين شرطة وبعض العساكر قامت مجموعة بخطف الضابط وأخذ المفاتيح منه لفتح باقي الزنازين ومجموعة أخرى خطفت أمين الشرطة وبعض العساكر ووضعوهم متفرقين في الزنازين حتى يعانوا مما يعانون منه في المعيشة في هذه الزنازين الضيقة كما طلبوا من الضابط أن يأكل من التعيين والذي جاء لتوزيعه فلم يستطع ولكنهم أجبروه على الأكل حتى يذوق من الطعام الذي يأكلونه حتى يعرف بنفسه مدى المعاناة التي يقاسونها في المعيشة والأكل والتهوية.


بدأت إدارة السجن في ضرب القنابل للضغط عليهم حتى يخرجوا الضابط ومن معه فما كان من الإخوة إلا أن يقذفوا عليهم القنابل مرة أخرى أو يضعونها في جرادل المياه لإبطال مفعولها فلما فشلت الإدارة في حل هذه المشكلة جاءت قوات كبيرة من مصلحة السجون وبعد مداولات ومساومات كثيرة حاول خلالها أفراد السجن توضيح موقفهم لضباط المصلحة وأنهم ما أقدموا على هذا الأمر إلا بسبب تعنت إدارة السجن في التعامل معهم وأنهم لا يريدون شيئا سوى الحد الأدنى من الحقوق الإنسانية فوعدوهم بتلبية مطالبهم وأكدوا لهم ذلك فأخرجوا لهم الضابط ومن معه ولكن بدلا من تنفيذ وعودهم بدأوا في ضرب القنابل مرة أخرى بغزارة ثم دخلت هذه القوات الضخمة إلى العنبر وقاموا بضرب كل من يقع تحت أيديهم من الإخوة فسالت الدماء على الأرض ثم أدخلوهم وهم بهذه الحالة إلى الزنازين وكتبوا ضدهم محضر تمرد وشغب وحكم عليهم بعد ذلك في هذه القضية.

إقرأ أيضا : التعذيب بتجاهل الإضراب

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق