ابتكار المكاتب والاباجورات الاطباق البلاستيك الملونة
العديد من الامور التى كنا نبتكرها لنتكيف مع اوضاعنا ونحقق القدر المستطاع من تلبية الاحتياجات وعلى سبيل المثال كانت اضائة الزنزانة كالعادة باهتة صفراء رديئة تضفى على المكان ظلالا من الكابة والرتابة فكنا نلجا الى احضار الاطباق البلاستيكية الملونة وتصنع منع اباجورة او نجفة للغرفة بحيث تتعدد الوان الاضائة فى الزنزانة
اما البطاطين فكنا نستخدمها عدة استخدامات فهى فراش للنوم وهى غطاء وفى الصباح تطوى البطاطين لنشكل بها كنب الاستقبال لضيوفنا من الزنازين الاخرى والملون منها نستخدمه كبساط نفرشه على الارض ليضفى منظرا جديدا للزنزانة او نعلقه على الحائط فترة الصباح ويوم الجمعة نطوى البطاطين لنشكل منها منبر خطبة الجمعة ونفس البطاطين نطويها ونستخدمها كمنضدة ناكل عليها طعامنا بعد تغطيتها بقطعة من القماش ونستخدمها كذلك كمكتب نكتب عليه ونقرا وكنا نقوم بصنع المكاتب ايضا من الكراتين والورق المقوى وورق الكتب الدراسية القديمة حيث كنا نصنع صمغا من النشا بغليه مع الماء او اذا لم يتوفر النشاء كنا نستخدم العيش بعد نقعه فى الماء وغليه حتى يصير مادة لاصقة قوية وكذلك كنا نستخدم لبابة العيش فى صنح المسبحة وتشكيل قطع الشطرنج وكذلك كنا نستخدم نوى الزيتون فى صنح المسابح واخراجها كهدايا لاسرنا وكنا بعد فتح الزيارات البطانية نقوم بصنع كراسى خاصة للزوجات فى الزيارة تخرج منها زوائد خشبية او بلاستيكية واقمشة حتى يكون للكرسى مظلة تحيطة من جميع الجوانب حتى يتمكن الاخ المعتقل من رؤية وجه زوجته المنتقبة فى ستر وكنا نستخدم لذلك ايضا قبعات مخصوصة من اغطية علب الحلاوة البلاستيكية وعصى الاقفاص الخشبية والتى نثبتها على الغطاء البلاستيكى باستخدام الاساتك وبالاستعانة بقطعة من القماش حتى نصنع قبعة قماشية كبيرة لستر وجه زوجاتنا المنتقبات اثناء الزيارة
كنا نقوم بممارسة الرياضات المختلفة فى داخل الزنزانة المغلقة بما يتوفر لنا من امكانيات محدودة فكنا نقوم بربط حبلا بلاستيكيا بعرض الزنزانة ونقوم بنفخ البالونات ونلعب بها كرة طائرة ونجلس بالساعات نلعب ونتضاحك وكذلك كنا نقوم بصنع كرة بينج بونج من الاساتك ونستخدم الشباشب كمضارب ونخطط ارضية الزنزانة على هيئة طاولة تنس طاولة ونقوم باللعب وكنا نعقد دورة على مستوى الزنزانة وحينما سمحوا بفتح جانب العنبر فى فترة التريض كنا نعقد دورات تنس الطاولة على مستوى العنبر وبالفعل كانت التصفية تكون عادة فى النهائى بين المحترفين بالفعل فى لعبة تنس الطاولة قبل الاعتقال وفى فترة من الفترات سمحوا لنا بالخروج الى الساحة الخارجية للتريض فكنا نقوم بصنع كرات القدم والطائرة والتنس والاسكواش من الاقمشة والجوارب والاساتك ونعقد الدورات الرياضية حتى كانت الفترة الاخيرة من المعتقل والتى سمح لنا فيها بالتريض الكامل فكنا نعقد دورات القدم والطائرة بالكرات الحقيقية وكانت هناك فرق للمحافظات ومن طرائف الامور ان نهائى كاس كرة القدم كان بين فريق القاهرة والاسماعيلية الا ان الجميل فى مثل هذه الدورات انها كانت بغير تعصب لان الجميع فى المساء يأوون الى زنزانة واحدة ويصيرون الى مصير واحد ويعودون الى زنازينهم لتسلب منهم حرياتهم مرة اخرى
اما العاب الطاولة فحين كنا فى الحجز الانفرادى ولم يكن معنا ادوات للعب احببت ان اصنع محاكاة للعبة الكونكت فور لزملائى فقمت برسم رقعة اللعب على غطاء من علب الطعام البلاستيكية وقمت بتقطيع قطع من الكرتون ذات لونيين مختلفين بحيث تصير لعبة مشابهة للعبة السيجا على رقعة اكبر وكان الترفيه عن طريق هذه اللعبة جميلا لا سيما والزنزانة مغلقة طوال الاربع وعشرين ساعة فكانت مثل هذه الالعاب من المغالبات التى تثير روح التنافس الترفيهى تمثل تخفيفا لجو الزنزانة النفسى الخانق وكان بعض الاخوة يقومون بصنع قطع الشطرنج من لبابة العيش المتراكمة بعد تشكيلها وتخفيفها حتى كان الفتح ودخل الشطرنج فكنا فى بعض الزنازين نعقد دورات للعب الشطرنج وقد كان يلعب معى ويعلمنى الجديد من الخطط فى اللعب طبيبا من اصدقائى المعتقلين وبعد فترة علمت ان احد الاخوة من المعتقلين الجدد قبل اعتقاله كان حاصل على بطولات على مستوى الشركات فى لعبة الشطرنج فى القديم وبالفعل لاعبته وهزمته فى اول لقاء ثم ما لبث ان هزمنى فى لقائين بعدها
كنا نستخدم قطع انابيب المرهم المعدنية الرقيقة كمقاومة كهربية لتخفيض وهج سوستة السخان الكهربى وكنا نقوم بعمل جسر من الحبال بين نوافذ الزنازين لنقل الاطعمة من خلالها اثناء غلق الزنازين وكنا نقوم بعمل طرف ارضى لسلك السخان بربطه فى ماسور الحنفية وكذلك كنا نستخدم فنفس السلك الارضى بتوصيله بالراديو الصغير لنلتقط به اشارة الاذاعة
كنا نقوم بصنع الهدايا الرمزية والتعبيرية البسيطة لاسرنا ونعطيها لهم فى زيارات جلسات النيابة او المحكمة او زيارات السجن بعد الفتح فكنا نقوم باستخدام قصاصات المجلات الملونة والاوراق واقلام الالوان والصور من الصحف والمجلات واذكر الاخ محمد مشهور والذى جلس عدة سنوات يجمع صور المعاناة الفلسطينية وصور الشهداء والجرحى ومكافحة الاحتلال الاسرائيلى فى البوم ضخم مصنوع من الكرتون يدويا وقد قمت بصنع البوم مماثل من الاكياس البلاستيكية واخرجته فى الزيارة لاسرتى ليجمعوا فيه كل رسائلى اليهم ورسائلهم الى ولا زلت امتلك هذا الالبوم الضخم والذى استعنت به فى فصل مراسلاتى لزوجتى