نبيل مغربي وأسرته
اعتقل نبيل مغربي في مطلع الثمانينات وحكم عليه في قضية عسكرية حكماً ظالماً لربع قرن من الزمان ترك زوجته واولاده اصغرهما محمد وعمار طفلين صغيرين.
تمر السنوات وتمنع الزيارة في السجن عن نبيل مغربي ولا تستطيع زوجته أن تراه ولا أن يرى اولاده فقط يأتون كل فترة يقفون على باب السجن ويدخلون طعام الزيارة طبلية.
هذا إن سمح بتلك الزيارة حيث كانت تمنع عنه لعدة سنوات في بعض الاحيان تمر السنوات تلو السنوات ويكبر محمد ويصير في الثانية والعشرين من عمره وعمار في السابعة عشر ولازالت الأسرة تأتي إلى باب السجن لتدخل الطعام وتأكل سنوات السجن في جسد نبيل مغربي ويسير كهلاً تحفر السنوات حفرياتها على وجهه وجسده وتتمكن أمراض السجن منه ولكنها لا تتمكن من روحه وإيمانه بالله.
تربي الزوجة ولديه محمد وعمار خير تربية على الإسلام وأخلاق الإسلام ومعاني القرآن والسنة وفي إحدى الزيارات وقد انتشر الهاتف المحمول بين الناس حاولت زوجة نبيل مغربي وولديه إدخال المحمول له في عبوة اللبن في الزيارة حتى يستطيع من خلاله التحدث معهم لأول مرة منذ عشرة سنوات مدة غلق الزيارة وفي تفتيش الزيارة قاموا بسكب محتويات وعاء اللبن واكتشفوا الموبايل فقامت أمن الدولة بسحب نبيل مغربي من محبسه للتحقيق وتعذيبه وقاموا باعتقال زوجته وولديه الاثنين بعد التحقيق معهم وتعذيبهم وتلفيق قضية محاولة تهريب لنبيل مغربي واعتقلت زوجته لمدة ستة أشهر في سجن النساء وتم اعتقال محمد في سجن استقبال طرة ويتم ترحيل عمار إلى سجن الأحداث حتى يكمل السن القانوني ثم تم ترحيله هو الآخر إلى جانب أخيه في سجن استقبال طرة , قابلت محمد وعمار في حجز الإفراج في لاظوغلي وكانا من خير الشباب الذين رأيتهم في حياتي ديناً وخلقاً وحياءً وأدبًا وكانا يساعداني في تنظيم زنزانة الحجز في لاظوغلي اذ كنت ادير عملية النوم والطعام لاخوانى فكان محمد وعمار يقضيان أواقتهما في الحجز بين قراءة القرآن والصلاة وبين مساعدتي في غسل جرادل الطعام والأطباق وتنظيم النوم في الزنزانة وتحريك الهواية للتهوية على المعتقلين.
مكث محمد وعمار سنتان في المعتقل والتهمة هي محاولة التحدث عبر الهاتف إلى أبيهما الذي لم يروه ما يقرب من عشرين سنة يشاء الله تعالى أن يتم اعتقال محمد وعمار ليتمكن الأب من رؤية ولديه ويتمكنا من رؤية أبيهما عبر خطوة قام بها الأخوة في المعتقل وقت ترحيل الأب من أبوزعبل إلى مستشفى سجن استقبال طرة وإيداعه في الحجز الانفرادي فقام الأخوة بالتعامل مع الشاويشية بالنقود ليفتحا باب الزنزانة ويدخلوا له ولديه محمد وعمار وفي مشهد مهيب تتقاصرعن وصفه سيناريوهات العالم يطالع الأب لأول مرة منذ ما يزيد عن عشر سنوات وجهي ولديه الشابين اليافعين بعد أن تركهما صغاراً ولأول مرة يشاهد الولدين أبيهما على الحقيقة لا في الصور الفوتوغرافية القديمة.
واحتضن الأب ولديه ومكث معهما في العنبر عدة أيام ليعود مرة أخرى إلى محبسه وتمر السنتان ويخرج ولديه
ثم تمر ستة سنوات وتقوم الثورة ليخرج نبيل مغربي بعد ربع قرن من الزمان وما ان تسعد الاسرة بالعافية ولم شملها بعد كل هذه السنوات من البلاء والسجن والاتقال والفراق
تقرير صحفى عن المعتقل نبيل مغربى.
مع بداية حكاية نبيل المغربى الذى تجاوز الستين من عمره، كنت أعتقد أننى أمام سبق صحفى، وتحت يدى ما يثبت أننى أكتب عن أقدم سجين سياسى فى العالم، وهو اللقب الذى ضاع من المغربى، كما ضاع منه الحق فى الحصول على قرار إفراج شرطى لظروفه الصحية المتدهورة، ولكن بعدما استمعت لهذا الرجل تناسيت تماما واكتشفت أننى أمام مأساة، وإن شئت الدقة فإن "نبيل المغربى هو المأساة نفسها" فكرة السبق، .
رحلة الطواف على سجون مصر ومعتقلاتها فى ذاكرة "المغربى" ليست قاصرة عند حدود الأماكن المخصصة للتعذيب، وانتزاع كرامة الرجال، قبل أن تنزع عنهم الملابس، ولكنها تتضمن أيضا ملامح عتاة السجانين، وأوامر قادتهم الذين تفوقوا على نظرائهم، فى سجن أبو غريب، ومعتقل جوانتانامو.
بعدد سنوات السجن يعد المغربى أقدم سجين سياسى، فقد وطأت قدماه أرضية بتاريخ 25 سبتمبر 1981
دخل "المغربى" السجون مع تطبيق الجهاز الأمنى للرئيس السادات، بقيادة النبوى إسماعيل، حملة اعتقالات سبتمبر الشهيرة، وهى الحملة التى لم يكن لها أسباب وجيهة، سوى أنها كانت رغبة شخصية من السادات، لبث الرعب فى قلوب معارضيه، لذلك لم يجد جهاز أمن الدولة فى ذلك سوى إضافة اسم نبيل المغربى، ضمن المتهمين فى القضية رقم 462 لسنة 1981 حصر أمن دولة عليا المعروفة باسم قضية تنظيم الجهاد، وكانت " العملية سهلة للأجهزة الأمنية خاصة، خاصة أن المغربى" يمتلك رؤية إسلامية"، الخلاصة هنا أن "المغربى" تم الحكم عليه بالسجن المؤبد 25 عاما تجاوز هذه المدة بـ 5سنوات وبضع شهور.
لن أدعى العلم بالشىء، وأقول إننى كنت أعرف أن الجماعات الإسلامية على مختلف أسمائها، كانت تمثل هاجسا لنظام حسنى مبارك، لذلك كان التعنت فى منع الزيارة أو الترحيل من سجن إلى سجن، والتعرض على لعمليات تعذيب ممهنجة هو أسلوب إدارات السجون المفضل فى التعامل مع أعضاء هذه الجماعات، ولكن ما لم أكن أعلمه بحق هو تفاصيل هذه العمليات المرعبة التى روى لى بعض منها المغربى، وعذرا إن احتفظت بجزء من تفاصيل هذه العمليات فهى تفاصيل يعف اللسان عن ذكرها.
قال "المغربى"، إنه فى مطلع عام 1994 تم نقله إلى معتقل الوادى الجديد، وحبس فى دورة مياه غير مستخدمة لمدة 4 أشهر، أقسم لى "المغربى"، أن الحشرات نفسها كانت تتوقف عند الباب، وكان يُلقَى له الطعام كما يلقى للدواب، وعندما نصحه أحد السجناء بأن يضرب عن الطعام حتى يتم عرضه على طبيب السجن الذى أوصى إدارة السجن نقله لمكان جديد التهوية، وقتها اعتبر مأمور السجن هذه التوصية تدخلا فى عمله، فما كان منه إلا أن أمر بجمع السجناء، وأقسم أن يكسر على قدمى "المغربى" "4 خرزانات" ليجعل منه "عبرة لمن يعتبر".
كثير من الشخصيات التى عرفها وزاملها "المغربى" فى السجون لقيت مصرعها، سواء كان هذا بسبب عمليات التعذيب، أو عن طريق الأمراض التى داهمتهم، فقد لقى 9 من زملائه مصرعهم فى سجن "أبو زعبل" سنة 1998، وكان نصيب 14 آخرين العجز عن الحركة.
توقف "المغربى" عن الكلام بضع دقائق بعد أن حكى هذه الواقعة، ليلتقط أنفاس لاهثة بسبب أمراض تكالبت عليه وأوهنت منه العظم، ولتخفيف وطأة الحديث، سألته عن دراسته، فقال لى، إنه تخرج عام 1973 فى كلية الألسن قسم إسبانى، وإلى جانب الأسبانية فإنه يجيد 3 لغات أخرى، وعن أبنائه قال إنه تزوج عقب تخرجه وقبل أن يدخل السجن أنجب 4 أبناء لم يراهم إلا بعدما بلغ عمر أكبرهم 12 عام ".
رحلة الطواف على سجون مصر ومعتقلاتها فى ذاكرة "المغربى" ليست قاصرة عند حدود الأماكن المخصصة للتعذيب، وانتزاع كرامة الرجال، قبل أن تنزع عنهم الملابس، ولكنها تتضمن أيضا ملامح عتاة السجانين، وأوامر قادتهم الذين تفوقوا على نظرائهم، فى سجن أبو غريب، ومعتقل جوانتانامو.
بعدد سنوات السجن يعد المغربى أقدم سجين سياسى، فقد وطأت قدماه أرضية بتاريخ 25 سبتمبر 1981
دخل "المغربى" السجون مع تطبيق الجهاز الأمنى للرئيس السادات، بقيادة النبوى إسماعيل، حملة اعتقالات سبتمبر الشهيرة، وهى الحملة التى لم يكن لها أسباب وجيهة، سوى أنها كانت رغبة شخصية من السادات، لبث الرعب فى قلوب معارضيه، لذلك لم يجد جهاز أمن الدولة فى ذلك سوى إضافة اسم نبيل المغربى، ضمن المتهمين فى القضية رقم 462 لسنة 1981 حصر أمن دولة عليا المعروفة باسم قضية تنظيم الجهاد، وكانت " العملية سهلة للأجهزة الأمنية خاصة، خاصة أن المغربى" يمتلك رؤية إسلامية"، الخلاصة هنا أن "المغربى" تم الحكم عليه بالسجن المؤبد 25 عاما تجاوز هذه المدة بـ 5سنوات وبضع شهور.
لن أدعى العلم بالشىء، وأقول إننى كنت أعرف أن الجماعات الإسلامية على مختلف أسمائها، كانت تمثل هاجسا لنظام حسنى مبارك، لذلك كان التعنت فى منع الزيارة أو الترحيل من سجن إلى سجن، والتعرض على لعمليات تعذيب ممهنجة هو أسلوب إدارات السجون المفضل فى التعامل مع أعضاء هذه الجماعات، ولكن ما لم أكن أعلمه بحق هو تفاصيل هذه العمليات المرعبة التى روى لى بعض منها المغربى، وعذرا إن احتفظت بجزء من تفاصيل هذه العمليات فهى تفاصيل يعف اللسان عن ذكرها.
قال "المغربى"، إنه فى مطلع عام 1994 تم نقله إلى معتقل الوادى الجديد، وحبس فى دورة مياه غير مستخدمة لمدة 4 أشهر، أقسم لى "المغربى"، أن الحشرات نفسها كانت تتوقف عند الباب، وكان يُلقَى له الطعام كما يلقى للدواب، وعندما نصحه أحد السجناء بأن يضرب عن الطعام حتى يتم عرضه على طبيب السجن الذى أوصى إدارة السجن نقله لمكان جديد التهوية، وقتها اعتبر مأمور السجن هذه التوصية تدخلا فى عمله، فما كان منه إلا أن أمر بجمع السجناء، وأقسم أن يكسر على قدمى "المغربى" "4 خرزانات" ليجعل منه "عبرة لمن يعتبر".
كثير من الشخصيات التى عرفها وزاملها "المغربى" فى السجون لقيت مصرعها، سواء كان هذا بسبب عمليات التعذيب، أو عن طريق الأمراض التى داهمتهم، فقد لقى 9 من زملائه مصرعهم فى سجن "أبو زعبل" سنة 1998، وكان نصيب 14 آخرين العجز عن الحركة.
توقف "المغربى" عن الكلام بضع دقائق بعد أن حكى هذه الواقعة، ليلتقط أنفاس لاهثة بسبب أمراض تكالبت عليه وأوهنت منه العظم، ولتخفيف وطأة الحديث، سألته عن دراسته، فقال لى، إنه تخرج عام 1973 فى كلية الألسن قسم إسبانى، وإلى جانب الأسبانية فإنه يجيد 3 لغات أخرى، وعن أبنائه قال إنه تزوج عقب تخرجه وقبل أن يدخل السجن أنجب 4 أبناء لم يراهم إلا بعدما بلغ عمر أكبرهم 12 عام ".
نبيل عبد المجيد المغربي أقدم سجين في السجون العربية، ألقي عليه القبض في العام 81 قبل مقتل الرئيس الراحل أنور السادات بشهرين. ورغم ذلك، اتهم في قضية اغتيال السادات، فحكم عليه بالمؤبد ليقضي في السجن 30 عاما.
لم يكن هذا الحكم الوحيد الغريب في حياة المغربي، ولكن أثناء سجنه حكم عليه في قضيتين أخريين، الأولى بثلاث سنوات، بينما كانت الثانية بالمؤبد في العام 95 في قضية تنظيم طلائع الفتح الثانية، وكانت التهمة إمداد خلية جهادية بمعلومات من أجل قلب نظام الحكم.
وفي داخل بيته المتواضع بمنطقة عين شمس، غربي القاهرة، التقت ''الخبر'' الشيخ نبيل المغربي بعد الإفراج عنه بالعفو الصحي بعد ساعات من خروجه من السجن.
لماذا اعتقلت رغم أنك كنت ضابطا سابقا في المخابرات الحربية؟
كنت مثل أي شاب طموح مكافح في الحياة أسعى إلى تحقيق ذاتي، وأحمد الله على ذلك. فقد حصلت على لقب الطالب المثالي في الكلية وحصلت على بكالوريوس اللغات والترجمة ''ترجمة فورية''، لغة أولى إسبانية ولغة ثانية فرنسية، إضافة إلى اللغة الإنجليزية، وكنت أجيد الثلاث لغات. وعقب تخرجي اختارتني المخابرات العامة للعمل ضمن صفوفها.
فالتحقت بالجيش كضابط احتياطي في المخابرات الحربية أيضا لسد العجز الذي حدث بعد حرب 73 وتعويض خسائر القتال، بعد إجراء بعض الاختبارات كنت فيها أول الدفعة، وتم إلحاقي مع أربعة آخرين، كنت أنا أولهم، بمكتب ضباط الشفرة، وكان هذا المكتب يعد أعلى درجة في المخابرات.
هل صحيح أنه تم اعتقالك بسبب رأيك في الرئيس الأسبق أنور السادات؟
نعم
كيف ؟
حينما بدأ طارق زعتر، زوج شقيقة الرئيس السادات، العمل معنا بعد أن جاء إلى هذا المنصب بالواسطة، أما أنا فجئت إليه بمجهودي وكفاءتي، بدأت أعرض رأيي في السادات، حيث كنت أرى أنه عميل وخائن، فحدث نوع من الاحتكاك بيننا، وبالمناسبة ليس هذا رأيي وحدي وإنما هو رأي أناس مقربين من السادات مثل الدكتور محمد إبراهيم كامل الذي كان وزيرا لخارجية مصر.
وبعد خروجي من المخابرات عملت في ثلاث جهات مدنية، وهي وزارة الثقافة ثم وزارة الشباب ثم دار الاعتصام، وكانت وقتها أكبر دار للطبع والنشر، وكنت أعمل مترجما فيها، وقد اعتقلت نهاية شهر يولية 1981 من منزلي.
لكن لماذا تم اعتقالك ؟
كنت ثائرا مثل شباب التحرير اليوم، أرفض الظلم والإجرام واللصوصية والمطالبة بالحريات على كافة المستويات المشروعة، ورفض إجرام السلطة والنظام الحاكم، ورفض الخيانة للشعب والوطن، وتغليب المصلحة الفردية على المصلحة العامة هي نفس أفكار الجيل الحديث، لكن الفرق بيني وبينهم أنه كان لديهم الفايسبوك فحماهم الشعب ووقف إلى جوارهم وتكاتف معهم أثناء المواجهة. أما نحن الجيل الثائر القديم لم يكن هناك من يقف معنا ويحمينا، فتم القبض علينا ولم يسمع عنا أحد في ظل التعتيم المتعمد من الإعلام الحكومي.. أمن دولة عليا عام 81 والتي عرفت إعلاميا باسم تنظيم الجهاد. وسجنت في القضية رقم 462
هل كان انتقادك للسادات سببا في اتهامك بمقتله رغم أنك كنت معتقلا في تلك الفترة ؟
من ينظر لقائمة المتهمين بمقتل السادات والبالغ عددهم 24 لن تجدوا اسمي بينهم، ولكن تم الحكم عليّ بالمؤبد رغم أنه مثبت لديهم في الأوراق أنه قبض عليّ قبل الأحداث والأوراق الرسمية تثبت ذلك وتؤيده.
لكن ما السر في إدراج اسمك في القضية رغم أنك اعتقلت قبلها؟
كما قال وزير الداخلية الذي أتى بعد الثورة، اللواء محمود وجدي، إن التهم كانت تلفق في ظل النظام الإجرامي السابق، وكانت تصدر الأحكام التعسفية الجائرة. والآن بعد الثورة عرف العالم بأكمله أن مبارك وعصابته هم المجرمون الحقيقيون في مصر وهم اللصوص الحقيقيون، وأن من سجنهم نظام مبارك الإجرامي هم أشرف شباب مصر. والحمد الله أن تخلصت المنطقة العربية من عدد كبير من الأنظمة الإجرامية وأشكر كل من ساهم في خروجي.
كيف كنت تنظر إلى الثورة وأنت داخل السجن؟
كنت أشعر بأنني واحد من الناس الذين يفتخرون بانتسابهم إلى هذا الشعب المصري العظيم، وكنت على يقين بنصر الله وفرجه.
وصفت بأنك أقمت في كل سجون مصر ''كعب دائر'' فكيف كانت تتم معاملتك؟
جميع أنواع الإجرام التي تتخيلها والتي لا تتخيلها كانت تمارس بسبب وبدون سبب، ومعاناة 30 عاما في السجون لا يكفي أن تسردها في دقائق معدودة، فعقب القبض عليّ تم اقتيادي إلى سجن القلعة حيث التعذيب الغريب والشديد، ولم نكن نسمع وقتها عن غوانتانامو، ولكن ما فعله مبارك ونظامه بنا أبشع من الوصف أو الحكي. فقد كانت فترات التعذيب اليومي تمتد إلى 10 ساعات وأكثـر، والتجريد التام من الملابس وتغميض العينين وربط الأيدي خلف الظهر لفترات طويلة، تؤدي أحيانا في النهاية إلى كسر الذراع أو خلعه.
وبعدها تم اقتيادي إلى سجن الاستقبال الذي قضيت فيه سنوات كثيرة، كانت كلها معاناة وتعذيبا، وبعدها أعادوني مرة أخرى إلى سجن القلعة ومنه إلى طرة والمرج ووادي النطرون. ومن كثـرة التعذيب نسيت ملامح زوجتي وأولادي.
ما الذي تنوي فعله في الفترة المقبلة؟
أنا رجل كبر سني ووهن عظمي وخرجت بعفو صحي، فلا أملك إلا الدعاء أن يحفظ الله مصر وأهلها ويقيها من كل شر وأن يخلص الوطن العربي من كل طاغية.
ما الذي فعلته عندما سمعت نبأ الإفراج عنك؟
سجدت شكرا لله تعالى وعاهدته بالدفاع عن إخواني، وإيصال صوتهم إلى كل الجهات المعنية حتى يفرج عنهم
إقرأ أيضا : القصة الثانية
وفي داخل بيته المتواضع بمنطقة عين شمس، غربي القاهرة، التقت ''الخبر'' الشيخ نبيل المغربي بعد الإفراج عنه بالعفو الصحي بعد ساعات من خروجه من السجن.
لماذا اعتقلت رغم أنك كنت ضابطا سابقا في المخابرات الحربية؟
كنت مثل أي شاب طموح مكافح في الحياة أسعى إلى تحقيق ذاتي، وأحمد الله على ذلك. فقد حصلت على لقب الطالب المثالي في الكلية وحصلت على بكالوريوس اللغات والترجمة ''ترجمة فورية''، لغة أولى إسبانية ولغة ثانية فرنسية، إضافة إلى اللغة الإنجليزية، وكنت أجيد الثلاث لغات. وعقب تخرجي اختارتني المخابرات العامة للعمل ضمن صفوفها.
فالتحقت بالجيش كضابط احتياطي في المخابرات الحربية أيضا لسد العجز الذي حدث بعد حرب 73 وتعويض خسائر القتال، بعد إجراء بعض الاختبارات كنت فيها أول الدفعة، وتم إلحاقي مع أربعة آخرين، كنت أنا أولهم، بمكتب ضباط الشفرة، وكان هذا المكتب يعد أعلى درجة في المخابرات.
هل صحيح أنه تم اعتقالك بسبب رأيك في الرئيس الأسبق أنور السادات؟
نعم
كيف ؟
حينما بدأ طارق زعتر، زوج شقيقة الرئيس السادات، العمل معنا بعد أن جاء إلى هذا المنصب بالواسطة، أما أنا فجئت إليه بمجهودي وكفاءتي، بدأت أعرض رأيي في السادات، حيث كنت أرى أنه عميل وخائن، فحدث نوع من الاحتكاك بيننا، وبالمناسبة ليس هذا رأيي وحدي وإنما هو رأي أناس مقربين من السادات مثل الدكتور محمد إبراهيم كامل الذي كان وزيرا لخارجية مصر.
وبعد خروجي من المخابرات عملت في ثلاث جهات مدنية، وهي وزارة الثقافة ثم وزارة الشباب ثم دار الاعتصام، وكانت وقتها أكبر دار للطبع والنشر، وكنت أعمل مترجما فيها، وقد اعتقلت نهاية شهر يولية 1981 من منزلي.
لكن لماذا تم اعتقالك ؟
كنت ثائرا مثل شباب التحرير اليوم، أرفض الظلم والإجرام واللصوصية والمطالبة بالحريات على كافة المستويات المشروعة، ورفض إجرام السلطة والنظام الحاكم، ورفض الخيانة للشعب والوطن، وتغليب المصلحة الفردية على المصلحة العامة هي نفس أفكار الجيل الحديث، لكن الفرق بيني وبينهم أنه كان لديهم الفايسبوك فحماهم الشعب ووقف إلى جوارهم وتكاتف معهم أثناء المواجهة. أما نحن الجيل الثائر القديم لم يكن هناك من يقف معنا ويحمينا، فتم القبض علينا ولم يسمع عنا أحد في ظل التعتيم المتعمد من الإعلام الحكومي.. أمن دولة عليا عام 81 والتي عرفت إعلاميا باسم تنظيم الجهاد. وسجنت في القضية رقم 462
هل كان انتقادك للسادات سببا في اتهامك بمقتله رغم أنك كنت معتقلا في تلك الفترة ؟
من ينظر لقائمة المتهمين بمقتل السادات والبالغ عددهم 24 لن تجدوا اسمي بينهم، ولكن تم الحكم عليّ بالمؤبد رغم أنه مثبت لديهم في الأوراق أنه قبض عليّ قبل الأحداث والأوراق الرسمية تثبت ذلك وتؤيده.
لكن ما السر في إدراج اسمك في القضية رغم أنك اعتقلت قبلها؟
كما قال وزير الداخلية الذي أتى بعد الثورة، اللواء محمود وجدي، إن التهم كانت تلفق في ظل النظام الإجرامي السابق، وكانت تصدر الأحكام التعسفية الجائرة. والآن بعد الثورة عرف العالم بأكمله أن مبارك وعصابته هم المجرمون الحقيقيون في مصر وهم اللصوص الحقيقيون، وأن من سجنهم نظام مبارك الإجرامي هم أشرف شباب مصر. والحمد الله أن تخلصت المنطقة العربية من عدد كبير من الأنظمة الإجرامية وأشكر كل من ساهم في خروجي.
كيف كنت تنظر إلى الثورة وأنت داخل السجن؟
كنت أشعر بأنني واحد من الناس الذين يفتخرون بانتسابهم إلى هذا الشعب المصري العظيم، وكنت على يقين بنصر الله وفرجه.
وصفت بأنك أقمت في كل سجون مصر ''كعب دائر'' فكيف كانت تتم معاملتك؟
جميع أنواع الإجرام التي تتخيلها والتي لا تتخيلها كانت تمارس بسبب وبدون سبب، ومعاناة 30 عاما في السجون لا يكفي أن تسردها في دقائق معدودة، فعقب القبض عليّ تم اقتيادي إلى سجن القلعة حيث التعذيب الغريب والشديد، ولم نكن نسمع وقتها عن غوانتانامو، ولكن ما فعله مبارك ونظامه بنا أبشع من الوصف أو الحكي. فقد كانت فترات التعذيب اليومي تمتد إلى 10 ساعات وأكثـر، والتجريد التام من الملابس وتغميض العينين وربط الأيدي خلف الظهر لفترات طويلة، تؤدي أحيانا في النهاية إلى كسر الذراع أو خلعه.
وبعدها تم اقتيادي إلى سجن الاستقبال الذي قضيت فيه سنوات كثيرة، كانت كلها معاناة وتعذيبا، وبعدها أعادوني مرة أخرى إلى سجن القلعة ومنه إلى طرة والمرج ووادي النطرون. ومن كثـرة التعذيب نسيت ملامح زوجتي وأولادي.
ما الذي تنوي فعله في الفترة المقبلة؟
أنا رجل كبر سني ووهن عظمي وخرجت بعفو صحي، فلا أملك إلا الدعاء أن يحفظ الله مصر وأهلها ويقيها من كل شر وأن يخلص الوطن العربي من كل طاغية.
ما الذي فعلته عندما سمعت نبأ الإفراج عنك؟
سجدت شكرا لله تعالى وعاهدته بالدفاع عن إخواني، وإيصال صوتهم إلى كل الجهات المعنية حتى يفرج عنهم
إقرأ أيضا : القصة الثانية