القصة العاشرة



شريف صخـر

أخي الذي أحببته في الله رغم صغر المدة التي قضيناها سوياً في زنزانة واحدة هو نموذج للبراءة والطفولة والطيبة وحلاوة المعشر مع ذكاء وعلم وفطنة والعديد من خبرات الحياة حين قابلته كان معتقلاً جديداً لا يزيد تاريخ اعتقاله عن السنتين وتهمته هي مناصرة المسلمين في البوسنة ضد الصرب الصليبين في البلقان عام 1995 كان يجيد ثلاثة لغات أجنبية يتحدث بهم كأنه من أهلها وهي ... الإيطالية – الإنجليزية – البوسنية ... ومن عجائب الأقدار أنه حين غادر مصر منذ أكثر من عشرين سنة بمجرد من تخرجه من كلية التجارة وسافر إلى إيطاليا ليعمل هناك لم يكن فيها من الشباب الإسلامي الذي يعي ما هو الإسلام على الحقيقة وما هو الجهاد في سبيل الله ويشاء الله تعالى بعد عدة سنوات يقضيها في إيطاليا أن يرزقه الله الالتزام بسبب أحد الدعاة المشكورين هناك وهو الشيخ شعبان والذي نادى في المسلمين في إيطاليا أن حي على الجهاد في البوسنة حين بدأت المذابح في البوسنة على يد الصرب والكروات لتبدأ مشاركة شريف صخر في الجهاد باستخدام مهاراته في الحسابات والتجارة لإدارة شركة ضخمة تكون مواردها لنصرة المستضعفين من أهل البوسنة ولمناصرة الجهاد هناك.
ثم تمر فترة وصخر ويتشوق للسفر إلى الجهاد في البوسنة حتى تمكن بالفعل من النصرة إلى هناك ومشاركة المجاهدين جهادهم ضد الصليبيين حتى تدخلت أمريكا باتفاقية دايتون لوقف انتصارات المجاهدين الساحقة وأنزلت القوات الدولية للتعاون مع الصرب ضد المجاهدين وصادرت البوسنة أسلحة المجاهدين وطلبت أمريكا من علي عزت بيجوفتش تسليم المجاهدين للاعتقال وللمحققين الأمريكان وحينها وقف علي عزت موقفاً بطولياً وقال من المستحيل أن أخون وأسلم المهاجرين من العرب الذين أتوا ليناصرونا وقت أن تخلوا عنا العالم وأعطى علي عزت بيجوفتش للمجاهدين العرب الجنسية البوسنية لكونهم غير قادرين على العودة لبلادهم لأنهم سيكونون معرضين للقتل والاعتقال وسيعاملون معاملة الإرهابيين والمجرمين وكان هذا بالفعل كقضية العائدون من ألبانيا وقضية العائدون من كوسفو عاش شريف صخر عدة سنوات وتزوج من إحدى الأخوات البوسنيات وكانت أرملة أحد المجاهدين المصريين الذين استشهدوا هناك بعد أن رزقت من الشهيد بستة من الأولاد فتزوجها شريف صخر وما هي فترة قصيرة حتى قامت القوات الأمريكية او (الناتو) بالقبض على بعض المجاهدين العرب ومنهم صخر وأعيدوه لمصر ليتم تعذيبه في أمن الدولة واعتقاله وفي الزنزانة يجلس بجواري شريف صخر وهو يسرد لي قصته وقلبي يخفق مع أحداث تلك القصة العجيبة ثم يخرج شريف صورة فوتوغرافية لبنات زوجته الذين كانوا يحبونه كثيراً وقد فقدوا أباهم وتيتمو ثم فقدوا أباهم الثاني في المعتقل نظرت في الصورة فإذا بهم قمة في البراءة والحسن والجمال وقد كتبوا لأبيهم بعربية ركيكة كلمات حب وشوق لأبيهم المجاهد الأسير يقضي شريف صخر أيامه في المعتقل يمارس الرياضة ويقرأ القرآن أو يعلم المعتقلين اللغة الإنجليزية أو الإيطالية ويذاكر لتحضير دراسات عليا في مجاله وتمر السنوات وأخرج من المعتقل وأترك شريف حتى يأذن الله وتقوم الثورة ويخرج من هذا الاعتقال الظالم بطل من أبطال الجهاد والدفاع عن المسلمين.

إقرأ أيضا : القصة الحادية عشر

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق