القتل



القتل 

حيث كان يموت بعض المعتقلين تحت وطاة التعذيب الهستيرى من ضباط امن الدوله عندما كان يتمادى الضابط فى التعذيب اثناء التحقيقات ويصعق الاخ فترات طويله بالكهرباء فلا يحتمل قلبه التعذيب فيموت اثر ذلك ولقد قابلت فى حجز امن الدوله بلاظوغلى  شابا قتلوا اخيه اثناء التعذيب  حيث كان يتم استجوابه  هو واخيه وطبيب صديق لهما فلما دخل اخوه فى غيبوبه بسبب التعذيب طلب ضابط امن الدوله من الطبيب زميلهما الكشف عليه فاخبرهم انه يجب ان ينقل الى المستشفى فورا ولكنه مات فى الطريق فقام الضابط باعتقال الاخ والطبيب وتهديد اهليهما فى حالة ابلاغ النيابه ولم يتم معاقبة ضابط امن الدولة بل تم نقله لفرع اخر من فروع الجهاز وكثير من هذه الحالات كانت تحدث فى مقرات امن الدوله وفى بعض الاحيان كان ضابط امن الدوله يخرج سلاحه ويضرب الاخ بالرصاص مباشرة
وهذا هو سر اكتشاف بعض الهياكل العظميه مدفونه فى مقرات امن الدوله بعد الثورة وهذا غيض من فيض مما كان يحدث فى اقبية امن الدوله اما المعتقلات فكان القتل يتم فيها بصورة بطيئة عن طريق تعريض المعتقلين لكل انواع العلل والامراض والعوامل التى تؤدى لحدوث العديد من حالات الوفاة وسياتى تفصيل تلك الوسائل عند التحدث عن التعذيب بالمرض والتعذيب بسوء التغذية والتعذيب بالتجويع والتعذيب بالطب وقد كان من ضمن ضحايا القتل فى المعتقل ابن عمى
( امام عبد الله) والذى استشهد (كما احسبه والله حسيبه)عام 96 وعمره 26 عاما وقد كان شابا دمث الاخلاق يرعى اخوته الايتام حيث احتجزوه لخمسة اعوام مارسوا عليه فيها كافة انواع التعذيب وكان منها سياسه التجويع التى كانت متبعه فى معتقل الفيوم مما ادى لاصابته بمرض الدرن فى المعدة ولم يعيروه اى رعاية صحية وحينما كان اخوه يذهب اليه فى الزياره ويحضر له الدواء كانت ادارة المعتقل ترفض استلام الدواء حتى مات رحمه الله وقام والدى بتسلم جثته ودفنها تحت حراسه مشدده عام 96 كنت حينها فى الثانويه العامه فى سنتى الثانيه من الالتزام وتعلم العقيده الاسلاميه فكان استشهاده نورا لى على الطريق وعامل من عوامل التثبيت على اتباع منهج الاسلام والعمل على اعلاء راية الكتاب والسنة وكان اقاربى يقولون لى هل تريد ان تسير فى نفس الطريق الذى سار فيه امام وتكون نهايتك نفس نهايته فاجيبهم بان امام احسب انه قد فاز فوزا عظيما مثلى لا يستحقه وانه شرف لى ان يكون امام قريبى وشرف للعائلة ان يكون امام واحد منها وان تكون عائلتنا قد قدمت ولاول مرة شهيدا فى سبيل الله وكان والدى رحمه الله يقول لى دوما انى اخاف عليك ولكنى اعلم انك على الحق ولن استطيع ان احول بينك وبين طريق الله والله هو الذى سيحفظك فامض فى طريقك ولم اكن اعلم حينها ان السنين ستدور وانه سيتم اعتقالى بعدها باربع سنوات والقى زملاء امام فى الزنزانة يحدثونى عنه وعن ايامه فى المعتقل وعن مرضه الاخير قبل ان يلقى الله ,ومن الضحايا ايضا رجلا كبيرا فى السن فوق الستين اصيب بالكبدى الوبائى فى المعتقل لنفس الاسباب السابقة وقد كان فى الزنزانة المجاورة لى وكان خال لاحد زملاءنا فى المعتقل اذ كانت معظم العائلة معتقله وكذلك الكثير من اهل قريتهم قرية بنى وركان التابعة لمركز مغاغة بمحافظة المنيا ذهبت الى اخى الاكبر المريض وزرته فى زنزانته فى مرضه الاخير قبل موته وكان واهن الجسم يتحدث بصعوبة الا انه كان متصبرا بالله بشكل عجيب راض بقضاء الله اذ كان سيموت مبطونا والمبطون شهيد كما صح بذلك الحديث وكذلك هو يموت فى الاسر فى سبيل الله ومن المضحكات المبكيات ان امن الدولة اصدر قرارا بالعفو الصحىّ عنه فى نفس يوم تدهور حالته ومات وهو فى سيارة الترحيلة قبل ان يصل لبيته فلم تصدر الداخليه امر الافراج الا وهى تعلم ان الساعات الباقية له فى الحياة باتت معدودة فمات رحمه الله وهولا زال فى الاسر معتقلا لم تطا قدماه ارض الحرية ومن الضحايا ايضا الاخ احمد عبد الوهاب من حلوان كان معتقلا مع شقيقه وجلسا فى المعتقل قرابه ال12 عام رغم مرض احمد بالقلب وكان احمد شابا يافعا طويل القامة وسيم الملامح دمث الاخلاق رائيته لاول مرة فى ثلاجة الاستقبال وهى غرفة الوارد والصادر من المعتقلين بسجن استقبال طره ويطلق عليها الثلاجة وتحدثت معه ونحن نتمشى فى نطاق الثلاجة جيئة وذهابا فوجدته شابا لبفا مثقفا عذب الحديث  وقد توفى رحمه الله فى المعتقل وهو يخدم اخوانه بتوزيع الاطعمة عليهم اذ توقف قلبه فجاءة  ومع ذلك لم يخرج اخوه من المعتقل الا بعد قترة طويلة , ومن ضحايا القتل فى المعتقل الشاب الصعيدى الشاعر المنشد سعد وكان شاعرا مرهف الحسّ لم يحتمل العذاب المادى والنفسى للمعتقل لسنوات عديدة فاصيب بحالة اكتئاب حادة وسط اجواء الضرب والتعذيب والاهمال والغربة والبعد عن الاهل ادت الى عزوفه عن الطعام حتى هزل جسمه ومات وانشد قبل موته نشيدا كان يحفظه زميل لى فى زنزانة 6 عنبر (5) فى معتقل دمنهور وكان رفيقه وقت مرضه الاخير ينشده بصوت عذبا نديا ولا اتذكر منه الان الا هذه الابيات والتى يناجى فيها سعد الكروان الذى كان يقف على شباك زنزانته ويدير معه هذا الحوار فى حزن واسى:

كروان سعد يا حزينا فى الدجى
هوّن علينا الليل يا كروانناً
فهنا نسور الحق ياكروانناً
قفصاً لصياد النسور يضمنا
اولا يعزّ عليك ان نبقى هنا
اسرى وانت تطير حراً دوننا
هوّن علينا الليل يا كرواننا

لم يحتمل النسر الجريح الم الاسر ففاضت روحه الى ربه تشكو ظلم وقسوة الطغاة  وكنت حينما اسمع صوت الكروان فى كل ليلة من ليالى معتقل دمنهور اتذكر سعد  واتذكر مناجاته وحديثه للكروانً

من شهادة حسن على فى كتابه محنة الاسلاميين

(كانت رائحة الموت تفوح من أماكن مختلفة من السجن وتنتقل من مكان إلى مكان لتخلف وراءها الكثير من ضحايا التعذيب والإهمال والضغوط النفسية والعصبية،
فالأخ محمد جاد الكريم والذي كان مثالا للحيوية والنشاط قد أصيب بضعف شديد وفقدان الشهية عن الطعام نتيجة الظروف القاسية التي تحيط بهم وكانوا يرجعونه إلى الزنزانة كلما خرج إلى العيادة بعد تركه فترة على الأرض ثم يعود مرة أخرى وقد ظل هذا الأمر يتكرر حتى فارق الحياة.
وكذلك الأخ محمد سالم والذي كان مريضا بالقلب ونتيجة عدم تناوله أي أدوية للعلاج تدهورت حالته وتوفي عند وصوله إلى المستشفى، وأحد الإخوة قد أصيب بتسمم معوي ورفض حارس العنبر أن يأتي عندما طلبوا منه إسعافه فنهرهم وتركه يعاني مرارة الألم ثم مات في نفس اليوم.
أما الأخ محمود خلف فقد أصيب بحالة نفسية سيئة نتيجة التعذيب الشديد حتى وإنه نتيجة الضغوط النفسية والفزع الشديد الذي أصابه كان يتخيل أشياء لا وجود لها في الحقيقة فكان يقوم من الليل أثناء النوم مفزوعا ويتجه بسرعة إلى الحائط ويرفع يديه – مثلما كانوا يأمرونهم أن يفعلوا أثناء النهار – وكان يحث الباقين أن يفعلوا مثله مخافة أن يصيبهم أذى وكان يصرخ فيهم ويقول إنهم قادمون – يقصد القوات قد جاءت لضربهم – وكان من حوله يحاولون أن يهدئوا من روعه وأن يطمئنوه ولنكه كان يحدثهم وكأنه نذير لهم خائف عليهم من بطشهم وقد تدهورت حالته الصحية نتيجة فقدانه للشهية عن الطعام تدريجيا إلى أن فقد القدرة على الأكل تماما فأصيب بالدرن واشتد عليه المرض حتى فاضت روحه وكانت أمنيته أن يهنأ بساعة يشعر فيها بالأمان.
أما قصة وفاة الأخ علي حسن فهي دليل على مدى القهر والإذلال الذي كانوا يعانون منه ..... وأراد أن يمعن في إهانته وإذلاله فأمر أحد العساكر أن يبول في فمه ففعل فلم تتحمل نفسه ذلك فتوفي بعدها بيومين كمدا.
وكذلك الأخ عادل طه والذي وضعوه في زنزانة بمفرده في التأديب وظلوا يعذبوا فيه عدة أيام متواصلة حتى وجدوه في اليوم السادس جثة هامدة على الأرض ولا يوجد موضع في جسمه إلا وقد أصيب فيه من شدة التعذيب.
لم تكن صعاب السجن فقط التي اجتمعت عليهم بل من الخارج أيضا، فكانت الرياح تحمل إليهم العقارب والتي كانت تلدغ بعضهم بسمها وكانت تهب عليهم العواصف فتملأ جنبات السجن بالرمال فيضعون غطاء على وجوههم يحميها من الرمال والتي كانت تملأ جوانب الزنزانة.)

(فكان يتم ضرب كل من يدخل إلى السجن ضربا شديدا، سواء في مبنى الإدارة عند أخذ البيانات والتفتيش أو في رحلة الذهاب إلى العنابر حيث يمسك كل عسكري بواحد وهو يلوي ذراعه خلف ظهره، بحيث يجعله مائل بنصفه الأعلى إلى الأرض حتى يتسنى له ضربه بركبتيه في وجهه أو بطنه أثناء الطريق كما كان يوجد مجموعة أخرى من العساكر تساعد في الضرب حتى يصلوا إلى باب العنبر وهناك يتركوا كل واحد يقف أمام زنزانة فيظنون أن الأمر قد انتهى ولكن تبدأ مرحلة جديدة من التعذيب فينام كل واحد على الأرض في طرقة العنبر ثم يزحفوا على الأرض وهم واضعين أيديهم خلف ظهورهم والعساكر تنهال عليهم بالضرب وهم يزحفون ذهابا وإيابا حتى يصل الإجهاد بهم إلى حد الإغماء، مثلما حدث مع أحمد مبروك ، فحملوه إلى داخل الزنزانة وهو فاقد الوعي والدم ينزف منه وتركوه بدون أي شيء في الزنزانة وفي اليوم التالي وأثناء توزيع التعيين حسب المعتاد كل يوم لم يقف لاستلام التعيين لأنه مازال مغمى عليه منذ أن  أدخلوه الزنزانة البارحة فدخلوا عليه فوجدوا حالته سيئة فاستدعى الحارس طبيب السجن وهو مشهور بمواقفه السيئة في التعامل حتى إنه كان يشرف بنفسه على كثير من حالات التعذيب أثناء الدخول إلى السجن، كما أنه كان يرفض إخراج أي مريض من الزنزانة للكشف عليه إلا إذا وصلت حالته إلى أن يحمل على بطانية ليكشف عليه أي لا يستطيع أن يتحرك وحالته سيئة يشرف على الهلاك، كما أنه كان يستغل وظيفته كطبيب ويساوم المرضى على العلاج أو أن يصرف لهم تغذية للمرضى في مقابل الموافقة على التعاون مع الأجهزة الأمنية ضد إخوانه في العنبر، وعندما حضر إلى أحمد مبروك وجده ملقى على الأرض والدماء تنزف منه فما كان منه إلا أن صرفه له قرصين مسكن فقط للعلاج ثم انصرف في لامبالاة وكأن هذا الممدد على الأرض ليست نفسا بشرية تستحق أي رعاية أو شفقة من أحد، وقد ساءت حالته بعد ذلك وفارق الحياة بعدما ذهب إلى المستشفى.

كان هؤلاء أفضل حالا من غيرهم حيث كانوا يقومون بالزحف من بداية بوابة السجن إلى العنابر على الإسفلت وهم عرايا فتتسلخ جلودهم، وعندما يرفقوا بحالهم يأمرونهم أن يسيروا وكل واحد يحمل شخص فوق كتفه، والضرب يستمر عليهم ثم بعد مسافة يزحفون مرة أخرى، وهكذا إلى أن يصلوا إلى العنابر 

إقرأ أيضا : التعذيب بتعصيب العين (الغماية)    

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق