قصة ابو ايمان
فقد البصر بسبب التعذيب والاهمال الطبى
ثم مواصلة الاهمال حتى الموت"
في عام 98 دخل علينا في المعتقل شاب يبلغ من العمر 24 سنة .اعتقل لان اخاه الاكبر كان عضوا في الجماعة الاسلامية واتهم في أحد القضايا ونكاية في الاسرة تم اعتقال الاخ الاصغر أيضا مع أنه غير منتمي لاي تيار وهو يصلي فقط ... هذه الاخ الاصغر كان لديه ولد اسمه اسلام يبلغ من العمر عام واحد وبنت اسمها ايمان تبلغ من العمر ثلاثة أعوام
أبو ايمان مريض منذ صغره بالسكر ويعيش على حقن الانسولين ..وعند ترحيله من جهاز أمن الدولة بالجيزة -الشهير باسم جابر بن حيان- إلى معتقل دمنهور ..تم استقباله كالعادة بحفلة تعذيب رهيبة وتعمد ضباط المعتقل كسر كل الادوية التي يحملها كما هي عادتهم
..دخل أبو إيمان علىَّ الزنزانة رقم2 بعنبررقم2 ايضا ..كان عددنا في الزنزانة قرابة الثلاثين معتقلا ..كان الشاب مذهولا يرتجف من التعذيب والخوف والقلق ..حاولنا طمئنته والتهوين عليه.. بعد قليل بدء يتحسس ملابسه ليخرج صوة لاطفاله استطاع اخفائها ..نظر اليها طويلا وسكت .
وفي صباح اليوم التالي طلب منا أن ندبر له حقنة انسولين ..ولم يكن بوسعنا هذا فطبيب السجن - العميد دكتور أحمد نبيل- أحد كبار المجرمين الذي قتلوا الكثير من الشباب ويكفي أن تذكر اسمه أمام أي معتقل سياسي لتسمع عشرات القصص التي تعمد فيها قتل المعتقلين ووكان لا يسمح باي أدوية تدخل للمعتقلين ..استخدمنا حيلة فطلبنا من الشاويش أن يخرجه للقاء طبيب السجن لانه مريض مرض معدي قد يعدي الجميع حتى الشاوش نفسه
خرج أبوإيمان لمستشفي السجن وعاد بعد دقائق وقد ازرق وجهه من كثر الضرب ..فطبيب السجن المجرم عندما علم بحقيقة الموقف انهال عليه ضربا ثم رده إلى الزنزانة بلا دواء...حاولنا بعدها كثيرا أن ندبر له حقنة انسولين فلم نفلح .
في اليوم التالي كانت حالته الصحية تتدهور قررنا أن نتحمل الاذي ونرفض استلام الطعام حتى يحصل على الدواء وبالفعل رفضنا ..وبعد عدة ساعات اغلق المعتقل واقتحمت القوة الضاربة من الامن المركزي والمباحث وامن الدولة والكلاب البوليسية علينا الزنزانة واشبعونا ضربا وتعذيبا وصعقا بالكهرباء لكننا قررنا أن نستمر للنهاية ورفضنا أن نستلم الطعام حتى تصرف له حقن انسولين نشتريها نحن بأموالنا المودعة في خزانة السجن .. لكنهم رفضوا وتركونا بلا طعام وبلا دواء .
كانت حالة "أبو إيمان " تتدهور بشدة و بدء يدخل في غيبوبة ..و بمجرد فتح باب الزنزانة لعد المعتقلين في الصباح حملناه ووضعناه خارج الزنزانة وقلنا لهم اقتلونا أو اقلتوه لكننا لا ندعه يموت بيننا ...تركوه ملقي في الارض الباردة ساعات ثم حضر ضابط أمن الدولة وعقد معنا اتفاق ...نقبل الطعام وننهى حالة الاضراب مقابل أن يعرض المريض على طبيب السجن ويصرف له الدواء وبالطبع قبلنا .
أتي الجنود وحملوه للطبيب وأدخل الشاويش الطعام للزنزانة ..بعدها بقليل عاد الجنود به هو محمول على اكتافهم كما خرج ..ادخلوه سريعا واغلقوا الابواب وخرجوا ...وحين اقتربنا منه كان لا يزال في غيبوبة السكر وكانت رائحة الشواء تفوح من قدميه التي حرقها الطغاة باعقاب السجائر ...
وقبل صلاة العشاء أفاق ابو إيمان من غيبوبته ... أفاق وهو يتسأل بهلع :ما هذا الظلام ؟!.. لقد فقد المسكين بصره
في عام 98 دخل علينا في المعتقل شاب يبلغ من العمر 24 سنة .اعتقل لان اخاه الاكبر كان عضوا في الجماعة الاسلامية واتهم في أحد القضايا ونكاية في الاسرة تم اعتقال الاخ الاصغر أيضا مع أنه غير منتمي لاي تيار وهو يصلي فقط ... هذه الاخ الاصغر كان لديه ولد اسمه اسلام يبلغ من العمر عام واحد وبنت اسمها ايمان تبلغ من العمر ثلاثة أعوام
أبو ايمان مريض منذ صغره بالسكر ويعيش على حقن الانسولين ..وعند ترحيله من جهاز أمن الدولة بالجيزة -الشهير باسم جابر بن حيان- إلى معتقل دمنهور ..تم استقباله كالعادة بحفلة تعذيب رهيبة وتعمد ضباط المعتقل كسر كل الادوية التي يحملها كما هي عادتهم
..دخل أبو إيمان علىَّ الزنزانة رقم2 بعنبررقم2 ايضا ..كان عددنا في الزنزانة قرابة الثلاثين معتقلا ..كان الشاب مذهولا يرتجف من التعذيب والخوف والقلق ..حاولنا طمئنته والتهوين عليه.. بعد قليل بدء يتحسس ملابسه ليخرج صوة لاطفاله استطاع اخفائها ..نظر اليها طويلا وسكت .
وفي صباح اليوم التالي طلب منا أن ندبر له حقنة انسولين ..ولم يكن بوسعنا هذا فطبيب السجن - العميد دكتور أحمد نبيل- أحد كبار المجرمين الذي قتلوا الكثير من الشباب ويكفي أن تذكر اسمه أمام أي معتقل سياسي لتسمع عشرات القصص التي تعمد فيها قتل المعتقلين ووكان لا يسمح باي أدوية تدخل للمعتقلين ..استخدمنا حيلة فطلبنا من الشاويش أن يخرجه للقاء طبيب السجن لانه مريض مرض معدي قد يعدي الجميع حتى الشاوش نفسه
خرج أبوإيمان لمستشفي السجن وعاد بعد دقائق وقد ازرق وجهه من كثر الضرب ..فطبيب السجن المجرم عندما علم بحقيقة الموقف انهال عليه ضربا ثم رده إلى الزنزانة بلا دواء...حاولنا بعدها كثيرا أن ندبر له حقنة انسولين فلم نفلح .
في اليوم التالي كانت حالته الصحية تتدهور قررنا أن نتحمل الاذي ونرفض استلام الطعام حتى يحصل على الدواء وبالفعل رفضنا ..وبعد عدة ساعات اغلق المعتقل واقتحمت القوة الضاربة من الامن المركزي والمباحث وامن الدولة والكلاب البوليسية علينا الزنزانة واشبعونا ضربا وتعذيبا وصعقا بالكهرباء لكننا قررنا أن نستمر للنهاية ورفضنا أن نستلم الطعام حتى تصرف له حقن انسولين نشتريها نحن بأموالنا المودعة في خزانة السجن .. لكنهم رفضوا وتركونا بلا طعام وبلا دواء .
كانت حالة "أبو إيمان " تتدهور بشدة و بدء يدخل في غيبوبة ..و بمجرد فتح باب الزنزانة لعد المعتقلين في الصباح حملناه ووضعناه خارج الزنزانة وقلنا لهم اقتلونا أو اقلتوه لكننا لا ندعه يموت بيننا ...تركوه ملقي في الارض الباردة ساعات ثم حضر ضابط أمن الدولة وعقد معنا اتفاق ...نقبل الطعام وننهى حالة الاضراب مقابل أن يعرض المريض على طبيب السجن ويصرف له الدواء وبالطبع قبلنا .
أتي الجنود وحملوه للطبيب وأدخل الشاويش الطعام للزنزانة ..بعدها بقليل عاد الجنود به هو محمول على اكتافهم كما خرج ..ادخلوه سريعا واغلقوا الابواب وخرجوا ...وحين اقتربنا منه كان لا يزال في غيبوبة السكر وكانت رائحة الشواء تفوح من قدميه التي حرقها الطغاة باعقاب السجائر ...
وقبل صلاة العشاء أفاق ابو إيمان من غيبوبته ... أفاق وهو يتسأل بهلع :ما هذا الظلام ؟!.. لقد فقد المسكين بصره
انهمرت الدموع من عيني وعين إخواني ..امسكت بصورة طفلته "إيمان" التي كان يتأملها طوال الوقت ...حين نظرت الي ابتسامتها انهرت ووقعت على الارض ..تمنيت وقتها ان اهديه بصري لينظر به إلى طفلته الجميلة كما كان يفعل دائما
جلسنا طوال الليلة نبكي ونصلي ونتضرع إلى الله تعالى ان يشفيه وييسر له امر حقنة انسولين ثمنها بخس لكن يضن الطغاة عليه بها
وفي الصباح ابلغناهم بما حدث له وظننا أنهم قد يوقفوا هذه المذبحة له ..لكنه لم يحدث .. لم يكن في وسعنا سوى رفض استلام الطعام مرة اخرى ..فلم يابهوا لنا ..حل الظلام وبدء أبو إيمان يدخل في غيبوبة اخرى ...ظللنا نصرخ على الشاويش "أخ بيموت يا شاويش" فكان يجيب بنبرته القاسية .."لما يموت ابقه قولي عشان نرميه في الزبالة "
وفي منتصف الليل كنت اضع وجهي في الحائط ويدايّ على رأسي أحاول ان ابقي صامد ولساني يلهث " لاحول ولا قوة الا بالله "
حين صرخ المنادي " الاخ مات يا شاويش "
نعم مات أبو إيمان ..وكتب على اطفاله ان يعيشوا عمرا طويلا في ظلمة اليتم والحرمان
انتفضت مذهولا ..نظرت الي وجهه ولم أرى شيئا اخر بعدها ...افقت وقد غسلوه ووضعوه لنصلي عليه .
لا ادى كيف كانت صلاتي لم استطع أن أفعل شيئا سوى البكاء والنحيب
ثم فتح بابا العنبر ووجدنا أمامنا عدد هائل من الجنود والضباط بالاسلحة والصواعق الكهربائية ...امرونا أن نتراجع لأخر الزنزانة وندير ظهرنا للباب ..وحذرونا من أي حركة ستقابل باطلاق الرصاص الحي فتح الباب طرف عين ثم اغلق ..سحبوا جثمان الشهيد ، واختفوا ...
تم تحرير محضر رسمي أنه كان يعاني من أزمة قلبية ونقل للمستشفي السجن وأجريت له كافة الاسعافات والاجراءات الطبية لكنه مات بلا تقصير من إدارة السجن ..طلبوا ثلاثة من المعتقلين ليشهدوا بهذا في المحضر فرفضوا ..تم تعذيبهم واقتيدوا إلى عنبر التأديب ..واغلاق المحضر بشهادة اثنين من المسجونين جنائيا في المستشفي على هذا .
إقرأ أيضا : القصة السادسة عشر