التعذيب بالظلام
ومن وسائل التعذيب التى كان يتعرض لها الكثير من المعتقلين التعذيب بالظلام فيوضع المعتقل فى زنزانة خالية من المصابيح بحيث يحل الظلام الدامس فى الزنزانة بعد غروب الشمس وفى بعض العنابر التى كانت محجوبة عن ضوء الشمس كان الظلام فى الزنزاة يبدا من عصر اليوم الى صباح اليوم الذى يليه وكانت الزنازين تغرق فى ظلام دامس سواءا كانت زنازينا انفرادية او جماعية او يكون مصدر الضوء مصباحا صغيرا فى حفرة فى اعلى الحائط محاطة بقضبان حديدة ترسل ضوءا كضوء المصباح السهارى الصغير وفى بعض العنابر والزنازين يكون مصدر الضوء فى الزنزانة الضوء القادم من بعيد من ابراج المراقبة الخاصة بالسجن والتى كانت تصل بقايا اشعة مصابيحها لتشق طريقها وسط ظلام الزنزانة اذكر اننا جلسنا فى اول زنزانة دخلناها فى المعتقل 19 يوما فى الظلام الدامس ليلا حتى استطعنا رشوة الشاويش والحصول على سلك ولمبة كهربية حتى ان امن الدولة استغلت فترة وجودنا فى الظلام الدامس وادخلت الى احدى الزنازين الانفرادية التى كان فيها اثنين من صغار السن من مجموعتنا احد المعتقليين المتعاونين مع امن الدولة ممن انعدم دينهم وضمائرهم فتعاونوا مع الظالم على المظلوم فيما يعرف فى مصطلح المعتقلات بالمرشدين او التوبة وان كان مصطلح التوبة كان يشمل المرشدين وغيرهم من الشباب الطيب الذى اضطرته ظروف معينة ان يطلق عليه هذا المسمى كما سنوضحه فيما بعد فدخل هذا المرشد على زملاءنا فى الزنزانة وهو يحمل لهم الرفاهية المتمثلة فى مصباحا كهربائيا بحجة انه يعيد دراسة الثانوية العامة فسمحوا له فى ادارة السجن بالمصباح وبالنزول الى الزنزانة الانفرادى لتهيئة جوا من الهدوء له للمذاكرة كانت محاولة مفضوحة ومكشوفة من امن الدولة فطنا لها بسهولة وفمنا بتحذير زملاءنا من التحدث مع هذا المرشد او التعامل معه وما لبث هو ان ملّ الوضع وغادر الزنزانة عائدا مرة اخرى الى زنازين المرشدين المليئة بالمصابيح والتليفزيونات وسائر انواع الوسائل المعيشية الممنوعة عن بقية المعتقلين والذين كانوا يمكثون فى ظلام الزنازين بالسنوات الطويلة اذكر احد زملاء زنزانتى وهو من اسيوط حكى لى انه تم وضعه فى زنزانة تأديب مظلمة لمدة 6 اشهر جلس اول عشرين يوم منهم فى ظلام الزنزانة وحيدا فى رعب شديد حتى ارسل الله تعالى اليه من انس وحشته بصورة غريبة تعد من خوارق العادات والتى ساذكرها حين التحدث عن الخوارق والكرامات واللطائف الربّانية وكان فى زنزانة اخرى بعيدة فى نفس العنبر اخ اخر من اسوان اخذ ينادى على زميلى فيصل صوته ضعيفا من بعيد اذ كان فى الجناح الاخر من العنبر وحينما ساله زميلى فى اول ايامه فى الزنزانة عن حاله ومنذ متى وهو فى هذا العنبر وتلك الزنزانة الانفرادية المظلمة فتفاجا الاخ بالجواب اذ كان الاخر منذ سنتين وهو فى تلك الزنزانة لم يغادرها فى ذلك الظلام الدامس
إقرأ أيضا : التعذيب بالوحدة