التعذيب بالحرّ الشديد




التعذيب بالحرّ الشديد

لئن كان البرد القارص يمثل مقدارا ما من العذاب للمعتقلين فحرّ الصيف الملتهب كان يفوقه اضعافا مضاعفة فى العذاب كان الحر فى الزنازين والرطوبة الخانقة يصل لدرجة ضعف التنفس عندنا والعرق الغزير المتبخر من الاجساد يعبىء فضاء الزنزانة ليصنع شبورة من بخار المياة المانعة للتنفس كانت الزنزانة مليئة بالاجساد الحارة مايزيد عن العشرين معتقل فى الزنزانة الواحدة ودرجة الحرارة خارج الزنزانة تتعدى الاربعين وداخل الزنزانة تصل للخمسين او تزيد والزنزانة مغلقة طوال الاربع وعشرين ساعة واذا تم فى بعض السنوات فتحها  لنا للتريض فى طرقة العنبر ما نلبث ان ندخل الى الزنزانة مرة اخرى ونحن نحمل هم العودة الى هذا الأتون المشتعل الذى كان يتم سلقنا فيه بالبطىء كأفران المندى كان حينما ياتى الصباح ويقوم الشاويش بفتح ابواب الزنازين لمدة بسيطة لتسليم التعيين كنا نخرج رؤوسنا من باب الزنزانة نلتمس نسمة باردة ترطب وجوهنا من لفح لهيب الجو داخل الزنزانة وحينما كان يتم السماح لنا بالتريض فى الطرقة كان الاخوة يخرجون مسرعين من الزنازين يرتمون على ارض الطرقة عند طرفيها امام الابواب الحديدية الخارجية فى اول الطرقة واخرها فى العنبر تلك الابواب التى كانت تقترب من الباب الخارجى الذى يصل العنبر بالجو المفتوح وحينما كنا نعود الى الزنازين مرة اخرى بعد انتهاء المدة كان اللهيب الداخلى للزنزانة يلفح وجوهنا كانه يعلمنا ما سنعانية طوال اليوم والليلة كانت النوافذ فى الزنزانة على ارتفاع 3 امتار وصغيرة الحجم وكنا نصنع سلم من البطاطين ونصعد عليها لنستنشق الهواء الخارجى بالتناوب واحدا تلو الاخر والماء الذى كان معدا للشرب بالزنزانة كانه يصب من سخان للمياه وفى الاوقات التى كان يتيسر لنا فيها سخانا كهربيا لطهو الطعام كنا نكتفى بتشغيلة لدقائق معدودة على مضض لكونه يزيد من درجة اشتعال حرارة الزنزانة ولذلك كنا نصنع الشاى بدون السخان بكهربة الماء مباشرة حتى نرحم انفسنا من حرارة هذا السخان وكثيرا ما كنا نرفض ان نتناول الطعام او نشرب الشاى لاننا جربنا ما يحدث بعدها من ارتفاع للحرارة اجسادنا وكنت انظر لكوب الشاى بعد ان يصنعه لى اخى اتمنى ان اشربه ولكنى لا افعل خوفا من الدرجة المئوية التى ستزيدها حرارة اجسادنا ولم تكن فى الزنزانة وسيلة للتهوية سوى المروحة التى لم تكن تفعل شيئا سوى تقليب الهواء الساخن داخل الزنزانة حتى اننا كنا نفضل الصعود على الحائط والاقتراب من نافذة الزنزانة على هواء المروحة الساخن الذى كان يلفحنا وكانت درجة الحرارة وبخار الماء المتصاعد يصل لذروته فى زنزانة الحجز بلاظوغلى حيث كان العدد يزيد فى الزنزانة لنصل ل45 اخ فى مساحة 16 متر والزنزانة موصدة علينا ولا يوجد نافذة واحدة فى الحجز ولا يوجد مراوح ونكون فى شهر اغسطس ولا ملجا لنا حينها الا الى الله. يتمنى كل واحد منا حينها العودة الى المعتقل مرة اخرى على وجه السرعة فلهيب اتون زنزانة المعتقل والعدد 20 ارحم من ان يكون العدد 45 ولا يكون احدنا حانثا لو اقسمنا ان هذه الزنازين فى فصل الصيف لا تصلح لتربية الدجاج لانها ستنفق وتموت فى خلال ساعات معدودة وكانت الامراض الجلدية تملاء اجسادنا بسبب هذا الجو الحارق الذى لا يصلح لحياة البشر

إقرأ أيضا : التعذيب بنقص التهوية

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق