تتعاقب حقب التاريخ وتتوالى العصور لتتقلب الأحوال بين إستضعاف وتمكين وعلو لراية الإسلام أو إرتفاع لرايات الطغيان ولكل عصر من عصور الإستضعاف طاغية ، ولكل طاغية سجون وزنازين ومعتقلات يغلقها على الأحرار وكل من أبى أن يسير في ركب الاستضعاف عبداً ذليلاً
ووراء اسوار المعتقلات عالماً آخر له مقاييس وقواعد تختلف عن مقاييس وقواعد الحياة، عالم يعلو فيه السوط  ليهوي على أجساد المصلحين الأحرار الذين أبوا الضيم ورفضوا أن يركعوا للطغاة وحملوا رسالة الإسلام ليبلغونها للعالمين يستخلصونهم بها من حياة العبودية، حتى يكون الدين لله والملك للواحد القهّار
وفي الوقت الذي تنهال فيه أبشع ألوان العذاب على الاحرار خلف تلك الاسوار كانت الرحمات واللطائف الربانية تتنزل بشكل عجيب وواقع غريب يقترب فيه عالم الشهادة من عالم الغيب.
ويقرأ المأسورون آيات القرآن كأنما تتنزل لفورها تحكي حالهم وترفع هممهم وتعينهم على الصبر والثبات وتبشرهم أن العاقبة للمتقين وأن مآل الإسلام للنصر والتمكين وفي عهد العسكر ودولة مبارك اشتد ظلام الزنازين وتلطخت جدرانها بالدموع والدماء والاحزان والالام  ولسان حال ساكنيها

وَمَا لَنَا أَلَّا نَتَوَكَّلَ عَلَى اللَّهِ وَقَدْ هَدَانَا سُبُلَنَا وَلَنَصْبِرَنَّ عَلَى مَا آذَيْتُمُونَا وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُتَوَكِّلُونَ. [إبراهيم:12]

 وانطلاقاً من السنوات التي قضيتها خلف تلك الاسوار سطرت هذا الكتاب
محاولة متواضعة للغاية لتوثيق ووصف أقل القليل من البعد الإنساني لمآساة المأسورين الذين غيبوا ولا زالوا يغيبون فى غياهب المعتقلات


0 تعليق المدونة
تعليقات تويتر
تعليق الفيس بوك

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق