اكتب هذه السطور وتلك الذكريات ليس مجرد تسويدا للصفحات
ولا كتابة لترف الكتابة بل اكتبها استرجاعاً لأهم وأخصب الأحداث التى مرت بى فى حياتى
سنوات المعتقل التى عشتها فى سجون العسكر (عهد مبارك) عايشت فيها خبرات وتجارب إنسانية قد لا
تتأتى لى فى حياتى مرة أخرى مهما عشت من السنوات , أكتب هذه الذكريات بما فيها من
أحزان وأفراح وآلام وجراح وحزن وضحك وبكاء ومرح ويأس وأمل و التى لا تنتمى لى وحدى وانما تنتمى لآلاف
من المعتقلين الذين قابلتهم وعايشتهم فى ظل محنة المعتقل أجمع شتات هذه الذكريات
من ذاكرتى التى نحتت فيها الآلاف من الأحداث وكذلك شهادات الاعيان والقصص المؤثرة التى أبكتنى أحياناً وأضحكتنى وأسعدتنى أحياناً أخرى هى
أفراح وأحزان أجتمعت فى قالب واحد وأجمعها من أكبر مجلد كتبته متفرقا فى حياتى
ألبوم الخطابات التى كنت أرسلها لزوجتى من داخل الزنزانة وقد كنت اكتبها على
مناديل الورق أو القماش الذى كنا نمزقه من ملابسنا او وريقات نقتطعها من هوامش
المصاحف والجرائد او اوراق الكراسات ان توفرت لنا
والسطر يحوى عشرات الكلمات بحروف صغيرة وقد خططنا بين كل
سطرين من سطور الورقة سطرا اضافيا لتستوعب الورقة الصغيرة أكبر قدر ممكن من
الكلمات . تلك الرسائل التى كنا نتراسلها مع ذوينا بوسائل نقل تثير الذهول سيأتى ذكرها فى باب وسائل التكيف المعيشية.
استيقظت الآن فجراً من نومى بعد رؤيتى لرؤية اعادت على شجون
الماضى كأنى أعيشها مجدداً لحظة بلحظة بطريقة عجيبة حتى أن دموعى قد انسابت فى
منامى فأستيقظت واذا بها تترقق فى عينى فكانت هذه الرؤية لمحة طبق الأصل من ذكريات
أيام المعتقل بما تحمله من مشاعر انسانية خصبة لا يعرفها ابدا الا من عايشها بل ان
من عايشها ليجد صعوبة بمرو الوقت وتراكم الزمان ان يستحضر نفس القدر من المشاعر
والاحاسيس وليس المخبر او مسترجع الذكريات كالمعاين المعايش للحدث الا ان هذه
الرؤية كان لها الفضل بتوفيق الله فى استيقاظ تلك المشاعر فى نفسى استيقظت من نومى
لأنظر حولى فلا أكاد اصدق انى مازلت فى بيتى نهضت لاتأمل زوجتى واولادى نائمين
أتأملهم واحدث نفسى متسائلا هل انا الآن مستيقظ على الحقيقة ومشاهد الأسر فى منامى
كانت حلماً من الذكريات أم أن العكس هو الصحيح ولا زلت فى
أسرى و فى زنزانتى وما اراه حلما
من احلام الحرية الذى لا يفارق الاسير إلا أن تفصيلة صغيرة كانت هى الفيصل
فى المسألة فانا الآن أرى أبنائى السبعة نيام أمامى فاطمأننت و حمدت الله على
العافية
قمت وقد اذن لصلاة الفجر فصليت واعددت فنجاناً من القهوة
وامسكت قلمى واوراقى وانطلقت استرجع لمحات من صفحات الماضى