الى من أوجه كتابى هذا ؟

اكتب كتابى هذا الى الراحمين الذين يرحمهم الرحمن اصحاب القلوب السليمة الرقيقة الحانية التى تتألم لعذابات الانسانية ومآسيها ومعاناتها فى الحياة تلك القلوب التى تتفاعل إيجابا مع مآسى البشر فى العالم ومظالمهم وخاصة مآسى المسلمين التى ملأت الأرض كما وكيفا فاصبح المسلمون فى كل اصقاع الارض مستهدفون مستباحون وتكالبت عليهم كل اجناس البشر على اختلافهم تحدوهم أيدلوجياتهم الصهيونية – الصليبية – البوذية – الوثنية – الصفوية الايرانية  الالحادية الشيوعية او العلمانية
او تحدوهم الاطماع الاستعمارية الاقتصادية و الجغرافية وفى كل بقعة من بقاع الارض يكون المسلمون هم الضحايا وتكون شريعة الاسلام هى المحاربة وتكون العقيدة الاسلامية هى المستهدفة
وفى قلب العالم الاسلامى العربى قامت دول الظلم والاستبداد سواء كانت ملكية او عسكرية او مدنية مقنعة بالديمقراطية
تلك الديمقراطية التى هى عين الظلم والاستبداد حين يستعبد البشر لاختيارات الاغلبية حتى ان كانت تلك الاغلبية فاسدة او جاهلة او مضللة
حين يساوى هذا الصندوق الاعمى بين الصالح والفاسد والعالم والجاهل والخائن والامين والكذوب والصادق والبر والفاجر والرجل والمرأة مع ان الصوت شهادة والله لم يقبل سوى شهادة المسلمين الثقات العدول وجعل شهادة المرأة العدل بنصف شهادة الرجل العدل
حين يكون صندوق التصويت حتى وان لم يتم التلاعب فيه هو الحاكم فى الناس والمشرّع لحياتهم والمنظّر لقوانينهم فتنحدر البشرية من ذلك الارتفاع السامق والذى تكون العبودية فيه لله وحده هو الحاكم والحكم وهو المشرع الاوحد والذى يفصل باوامره واحكامه بين الناس وينظم لهم حياتهم فى كل مجالاتها السياسية والاقتصادية والاجتماعية وسائر مناحى الحياه عبر منظومة محكمة من الاوامر والنواهى والحدود جاءت مجملة ومفصلة فى الكتاب والسنة ومبينة للقواعد والاطر التى تحكم الاجماع والقياس والاجتهاد فى نظام محكم لا ياتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه لا مجال فيه للاجتهاد البشرى المصادم للنصوص المقدسة وانما ياتى الاجتهاد البشرى والفهم العقلى المتواكب مع متغيرات الزمان والمكان والحال موافقا لتلك النصوص متظللا بظلها مستمدا شرعيته من موافقتها والانطلاق من قواعدها فلو اجتمعت عقول البشر فى العالم كله فى وقت واحد وزمان واحد وتضافرت معها عقول الاجيال السابقة بخبراتها وتراثها وعقول الاجيال اللاحقة بتطوراتها ومستجداتها لو اجتمع كل هؤلاء على اجتهاد وحكم واحد يصادم حكما قاطعا فى كتاب الخالق البارى المصور الحكيم الخبير العليم الملك لما كان امام المسلم الا اختيار حكم الملك ورد حكم البشرية على اجتماعها لان الله اعلم من البشرية ولان الله احكم من البشرية ولان الله ارحم والطف من جموع البشر من لدن ادم عليه السلام الى قيام الساعة انها تلك الشجرة المحرمة التى نهيت البشرية عن ان تاكل منها شجره العبودية لغير الله وتقديم العقل على النقل والراى على حكم السماء انها تلك الفكرة الشيطانية التى ظنت جهلا منها وكبرا ان مخلوق النار خير من مخلوق الطين انها تلك العقيدة الشيطانية سواء كانت من عالم الانسان او عالم الجان التى تناقش الامر الالهى ثم تصادمه ثم تكابر وتعانده ثم تنحية وتستبدله
مساكين هم هؤلاء فهذا العقل الذى اغتروا به والذى قادهم الى مكابرة ومعانده حكم الله هو اكبر عدو لهم وهو الذى كان السبب فى هلاكهم وشقائهم وحرمانهم من رضوان الله وجنته التى اعدها الله لمن شكر نعمة العقل وسخره فيما ينفع صاحبه الا وهو التفكر فى خلق الله وحكمة خلق الكون والحياة ونعمة الحرية فى كنف العبودية لسيد واحد وملك واحد ومدبر واحد ارحم بهم من انفسهم واعلم بما ينفعهم من انفسهم
مساكين هم هؤلاء الذين بدّلوا نعمة الله كفرا واحلوا قومهم دار البوار فقد صارت الحياة بعقولهم وشرائعهم بئيسة ظالمة مظلمة وصارت غابة للوحوش البشرية يفترسون حريات البشر وحيواتهم تحت مظلة قوانين محلية ودولية وضعوها هم بانفسهم ثم استعبدوا الناس باسمها وتحت سلطانها مساكين لانهم قد استبدلوا نعمة العقل بالهوى فاعملوا عقولهم فيما يضرهم ولا ينفعهم واستبدلوا نعمة الاسلام بالعقائد والايدلوجيات البشرية الوضعية واستبدلوا شريعة الاسلام التى تصلح الحياة بانظمة وضعية بشرية ناقصة بنقص البشر عاجزة عن اسعاد البشرية بنفس قدر عجز البشر فشريعتهم الارضية عوراء ميكافيلية مطففة تزن بميزانين للعدالة ولا تزن بميزان الحق الاوحد فويل لهؤلاء المطففين ويل لهم مما كسبت ايديهم وويل لهم مما كتبت ايديهم من كلمات وادبيات وفلسفات وتشريعات وقوانين تصادم كلمات الله واحكامه وشرائعه وادابه وهداه
مساكين هؤلاء الذين اتعسوا انفسهم من حيث ارادوا السعادة وعنتوا انفسهم من حيث ارادوا الراحة وتخبطوا وتاهوا فى الحياه كالذى يتخبطه الشيطان من المس مذبذبين بين الايدلوجيات والعقائد والافكار والانظمة والشرائع الارضية لا الى هؤلاء ولا الى هؤلاء
مساكين لان امامهم شريعة للفلاح وطريقا للصلاح وهديا لمن اراد الهدى ورشدا لمن شاء الرشاد ورغم كل ذلك نحّوها ليس هذا وفقط بل وحاربوها واجمعوا شركائهم ثم اتوا صفا ليقاتلوها ووصموا انصارها بالتطرف والارهاب
لا ازعم الحياد فى كتابى هذا ولا ادعيه ولا ارجوه فانا بالفعل منحاز ومائل لطرف من الاطراف نفس انحياز المرء حين يرى فى الطريق رجلا ضخما يمسك بمطرقة ينهال بها على طفل ضعيف صغير غض طرىّ برىء الملامح والسمات فهل يملك اى ذى انصاف شيئا الا ان ينحاز لذلك الطفل البرىء .
إِنَّ إِبْرَاهِيمَ كَانَ أُمَّةً قَانِتاً لِلّهِ حَنِيفاً وَلَمْ يَكُ مِنَ الْمُشْرِكِينَ )[النحل : 120])
فهذا هو ابو الانبياء حنيفا اى مائلا الى توحيد الله ومجافيا ومائلا عن الشرك فانطلاقا من هذه الحنيفيه اعلنت انحيازى للموحدين واعلنت انحيازى للمسلمين وجاهرت بانحيازى للمستضعفين فى الارض حتى ولو كانوا من غيرالمسلمين فهم كذلك ضحية لتلك المؤامرة البشرية الكبرى لمحاربة الاسلام ومقاتلة الشريعة حتى لا تحكم الحياة وحتى لا يهتدى لحقيقة الاسلام احد حتى وان سمحت تلك المؤامرة للبشر ان يدخلوا فى الاسلام اسما ورسما وشعائر تعبدية لا تعكر  عليهم منظومتهم فى الحياة وقوانينهم الارضية الدولية منها والمحلية
فالى هذه القلوب المسلمة الموحدة  المخبتة الى ربها  التى سلكت سبيل الايجابية فى نصرة المستضعفين قدر استطاعتهم حتى ولو بالدعاء حتى ولو بالكلمة الطيبة فى حقهم حتى ولوبالذب عنهم وعن اعراضهم وصيانة ذكرهم بين الناس والى كل المنصفين من غير المسلمين من يجتهدون ليتبينوا طريق العدل والحق والانصاف بين تلك الامواج المتلاطمة من المظالم والاهواء والافكار
الى كل هؤلاء اكتب كتابى هذا واوجه تلك الملحمة من معاناة المستضعفين من الشباب المسلم المصرى داخل تلك الزنازين التى اوصدها مبارك على مصر مرة وعلى ابنائها من الاسلاميين مرات ومرات
ولست اوجه كتابى هذا لاصحاب القلوب القاسية الجامدة التى فاقت جمود الصخور وبلادة الجمادات بل ان للجمادات احاسيس ومشاعر  فهذا هو الجزع يحن ويبكى حنينا لمحمد صلى الله عليه وسلم وها هى النار تكاد تميّز من الغيظ على الكافرين وهاهى السماء تكاد ان تنفطر والارض تكاد ان تنشق والجبال تخّر هدا ان دعوا للرحمن ولدا
فليس كتابى هذا لتلك القلوب التى لا تعرف معروفا ولا تنكر منكرا الا ما اشرب من هواها تلك القلوب التى تقدم مصالحها الدنيوية القريبة على دين الله وجنة اليوم الاخر فيبيعون دينهم بعرض من الحياة زائل تلك القلوب التى لا تعنيها اهات المستضعفين ولا  الام المعذبين لا سيما ان كانوا مسلمين قلوبا تنكر على الضحية ثباتها على دينها ومبادئها ولا تنكر على الجلاد وحشيته وشراسته تشد على يد الطاغية ان اضرب المستضعفين بيد من حديد فهى قلوب من حديد ودماء من جليد ونفوس قاسية طاغية دوما عن الذكر لاهية اذا ذكر الله وحده اشمئزت واذا ذكر الذين من دونة استبشروا اذا ذكرت شريعة الله والمتشرعين بها استهزئوا وانتقصوا ونكصوا واذا ذكرت النظم البشرية الارضية والمتحاكمين لها استحسنوا واستسلموا فهم مسلمون لكل شىء الا الله ومؤمنون بكل ما يدعى من دون الله من جهد بشرى منعزل عن وحى السماء مصادم له مناهض اولئكم اتباع الطاغوت والمتحاكمين الى الطاغوت وعباد الطاغوت فهم غير مخاطبون بخطابى هذا
--إِنَّكَ لَا تُسْمِعُ الْمَوْتَىٰ وَلَا تُسْمِعُ الصُّمَّ الدُّعَاءَ إِذَا وَلَّوْا مُدْبِرِينَ  80   وَمَا أَنْتَ بِهَادِي الْعُمْيِ عَنْ ضَلَالَتِهِمْ إِنْ تُسْمِعُ إِلَّا مَنْ يُؤْمِنُ بِآيَاتِنَا فَهُمْ مُسْلِمُونَ 81 سورة النمل
0 تعليق المدونة
تعليقات تويتر
تعليق الفيس بوك

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق