خالد حربى معتقل عبر العصور (3)



تعذيب خالد حربى 2010
التعذيب للادلال على المسلمين والمسلمات الجدد
تحقيقات امن الدولة
حيث كتبتها بفلم رصاص  على ورق مستعمل أثناء اعتقالي وخبأتها ثم اعدت كتابتها بعد خروجي ثم وقعت في يد ضباط امن الدولة قبل الثورة بخمسة ايام
 اقتياد من المنزل
القصة تبدأ في نهاية عام 2010 حين كنت عائداً من سهرة جميلة مع والدي اوقفت السيارة تحت منزلي وحملت طفلتي سهيلة التي رفضت الصعود حتى اشتري لها شيئا ..بينما حملت زوجتي ابني عمر الذي لم يكمل شهره الاول ..دخلنا المنزل وبعد أقل من خمس دقائق دق جرس الباب ..كانت الساعة تقترب من الواحدة ليلًا.... هرولت زوجتي نحو النقاب وعباءة الصلاة..نظرت من عين الباب فوجدت أحدهم يضع يده عليها حتى لا أرى من يقف خارجه ..أشرت لزوجتي أن تغلق غرفتها عليها ..استعذت بالله وفتحت الباب ..فوجدت ما توقعته ...عناصر من العمليات الخاصة ومباحث أمن الدولة مدججة بالأسلحة ..
أقترب مني الضابط ياسين وسألني :هل يمكنك اغلاق المرصد وإيقافه  بحيث لا يظهر لأحد على النت ؟
قلت لا ..هذه عملية معقدة تحتاج أكثر من اسبوع لان سيرفر المرصد في كندا وليس في مصر
هزا رأسه  ممتعضا وقال بلهجة مقتضبة ..طيب ألبس هدومك وتعالى ..دخلت على زوجتي فوجدتها كعادتها تلهث بالذكر وتحاول أن تبعث الطمأنينة في نفسي .. زوجتي الصابرة تربت في منزل والدها الذي كان مرتعًا لأمن الدولة بحيث صارت لا تهتز لإجرامهم ..كانت طفلتي سهيلة التي لم تكمل عامها الثاني تبتسم ظناً منها أني خارج وسآخذها معي كما هي عادتي  وحين ودعتهما وأغلقت الباب خلفي كان صراخها عاليا يستعطفني أن أعود فاحملها بين زراعي ونخرج معا كما تعودت .
حين ركبت احدى السيارات الثلاثة المشحونة بالعسكر طلب مني قائد فرقة العمليات الخاصة أن أعصب عيني فقلت له بعصبية "لأ "نظر إلى ضابط أمن الدولة فبتسم الاخير قائلا : خالد راجل قديم .
وقفت السيارة أمام مقر أمن الدولة بالمرج وتم تفتيشي واصطحابي للزنزانة التي كانت عبارة عن غرفة كبيرة مقسمة لثلاث غرفة صغيرة و كانت ملحقة بزنازين الجنائيين لا يفصل بينها سوى باب حديدي
كانت صرخات طفلتي ما تزال تدوي في أذني ...الابتسامة المتكلفة على وجه زوجتي وهي تمسك بيدي قائلة "ان شاء الله هترجعلي تاني" كل هذا كان يهز كياني لأني كنت أظن الفراق سيطول بيننا ربما لسنين طويلة ...فحين أقدمت على متابعة قضية كاميليا شحاتة ونشرها بين المسلمين أتصل بي ضابط مشهور من جهاز أمن الدولة وطلب مني أن اغلق المرصد وان أمتنع عن الكلام في هذه القضية حتى بيني وبين نفسي وحين رفضت هذا قال لي مهددا "طيب خلى بالك من نفسك ..واحنا هنتحاسب لما الدنيا تهدئ "  كنت موقناً ليلتها أن وقت الحساب قد جاء وان بكاء طفلتي سيطول وأمنية  زوجتي ستتأخر كثيرا  .
كنت كلما اشتدت عليّ المحنة تذكرت قولي شيخي وقدوتي الشيخ رفاعي سرور رحمه الله حين نصحني قائلا"حين نعتقد أننا نواجه الصعاب بقدرتنا وطاقتنا سننهار بلا شك ..إنها قدرة الله وإرادته التي تبقينا صامدين وصابرين ..فلا تحمل هم قدرتك على التحمل ولكن أهتم لقدرتك على الاستعانة والاستغاثة والتضرع إلى الله "
وتحت ظلال هذه الكلمات العظيمة مرت الليلة الاولى
في الصباح فتح باب الزنزانة وطلب مني الحارس أن أعصب عيني لاني سأذهب للتحقيق ..وحين دخلت على الضابط ياسين بدا هادئا غير مكترث بشيء طلب مني أن أقص عليه قصة موقع المرصد وظللنا نتحدث لساعات في اسئلة مملة ومكررة ثم اعادوني لزنزانتي ..وفي المساء تكرر نفس المشهد ...وهكذا لمدة ثلاث أيام اتنقل بين مكاتب التحقيق بلا هدف ...وفي الليلة الرابعة اصطحبني الحارس لمكتب التحقيق كنت معصوب العين كالعادة لكني كنت أشعر جيدا بعدة اشخاص يقفون حولي داخل المكتب ..سألني الضابط قائلا "كم شخصا ساعدته في اشهار اسلامه بالأزهر
قلت الكثير ..ربما مئات ..قال هل منهم بنات ..قلت طبعا ...قال هل منهنّ احد من خارج القاهرة قلت نعم الكثير ..قال طيب ماذا تفعل معهم تحديدا وكيف تتعرف عليهم ..قلت القصة برسالة تصلني على الهاتف او على بريد المرصد تطلب المساعدة في اشهار الاسلام بعدها احدد موعد للقاء الشخص حتى اتيقن من رغبته ودوافعه لإشهار اسلامه فإذا كان بدافع مادي -كقصة حب مثلا- ادله على الطريق وأرشده للإجراءات لكن لا اسعي معه فيها ..أما اذا كان بدافع الايمان فاحتمل معه كل الاجراءات حتى يحصل على شهادة توثيق الاسلام ويستخرج اوراقه الشخصية الجديدة
بدء التحقيق بغوص في هذه النقطة ..كنت اجاوب بنصف ذهن بينما النصف الباقي يبحث عن المغزى من هذا الكلام حتى كفاني الضابط هذا العناء وسألني عن الاماكن التي أقوم بإيواء المسلمين الجدد فيها
ادركت ساعتها أن الهدف هو القبض على هؤلاء المساكين وتسليمهم للكنيسة فقلت له أنا لا أأوي  أحداً.. أنا أساعد في الاجراءات الرسمية فقط وعلاقتي بهم تنتهي داخل المسجد الازهر بعد الاشهار مباشرة ؟
شعرت بتحركات داخل غرفة التحقيق .. علا صوت الضباط وهو يقول بلغة الواثق "يعني أنت معندكش شقق في اكتوبر لإيواء المسلمين الجدد ..اجبت باستخفاف "لأ طبعا "
قال طيب أخر مرة كنت في الازهر امته ؟..قلت أول امس ..فطلبي مني اذكر له اسماء أخر حالات أشهرت اسلامها ..ظللت اذكر له أسماء وهمية وحالات مشهورة  فقاطعني صارخا : ومريم ومارينا بتوع المنصورة  نستهم ولا ايه يا عم الشيخ  !؟
لمعت في ذهني كل الخيوط بمجرد سماعي هذين الاسمين فهاتين الفتاتان من اسرة كبيرة ومهمة وكان قد دعاها للإسلام احدي زميلاتهما في الجامعة وعندما قرروا اشهار اسلامهم اتصل بي زوج زميلتهم ثم احضرهما بسيارته إلى القاهرة لإشهار اسلامهما وعندما سألني بعد الاشهار أين سيقيمون قلت له في أكتوبر "ان شاء الله "  وعندما تركنا وعاد مع زوجته للمنصورة استأذنت الفتاتين في سحب هواتفهما  ثم قمت بوضع الفتاتين عند بعض أهل الخير في أحد محافظات الصعيد حرصا على سلامتهما ..
ادركت وقتها أن هذه الرجل تم القبض عليها واعترف بكل التفاصيل التي يظنها صحيحة.
قلت للضابط نعم احضرهما شخص اسمه أحمد وأشهرت لهما اسلامها وتركتهما بالأزهر ... قال الضابط كذاب ..أحنا قبضنا على أحمد وأعترف بكل شيء ..أدركت وقتها اني في موقف خطير ..فأسرة الفتاتين فيها رجال دولة ورجال اعمال وضباط شرطة برتب كبيرة ..و ضباط أمن الدولة لن يرجحوا كلامي على اعتراف احمد وزوجته
قلت للضابط : اسمع أنا لا أكذب ..أنا  بالفعل لا أعلم مكان البنات ..ولكني أقسم لك بالله العظيم أني لو أعلم مكانهما ما أخبرتكم به ..حتى لو قتلتموني لأني لا أتحمل أمام الله تعالى أن أكون سبباً في تسليم مسلمة للكنيسة كما حدث مع كاميليا ووفاء قسطنطين ..هذا ما عندي وافعلوا ما تريدون .
فورا سمعت جلبة وتحركات بغرفة التحقيق أمسك الحارس بيدي وأخرجني من الغرفة .. بعد دقائق فتح الباب وامسكني الضباط من رقبتي وقال : أنا لن أظلمك ..سوف أتركك تقرر مصيرك ومصير زوجتك وأطفالك بنفسك ..وتأكد أن كل المعلومات لدينا فإذا أصررت على موقفك الحالى لا تلومنّ إلا نفسك " ثم دفعني إلى الحائط ومضي ..
ظللت قرابة نصف ساعة أقلب الأمر في رأسي فلم اخرج سوى بنتيجة واحدة : أني سأنفي ثم سأعذب ثم سأعتقل ان ظللت ثابتا على هذا النفي ..ولا خياري لدي في غير هذا ..استرجعت وظللت أردد دعائي الأثير "اللهم أني ابرء من حولي وقوتي إلى حولك وقوتك"
حضر الحارس واصحبني إلى السلم حيث الطابق الرابع الذي يقبع فيه العقيد هشام توفيق رئيس الفرع وحين دخلت مكتبه كنت استشعر وجود اشخاص اخرين بالمكتب ظل رئيس الفرع يحاول إقناعي أن غالبية من يشهر اسلامه ليس صادقا في هذا ودائما ما توجد قصة حب أو مشاكل عائلية خلف هذا القرار وأنا كشاب سوف أظلم نفسي واظلم أطفالي حين أدخل السجن بسبب تستري على مثل هؤلاء المدّعين ..وان هذا الملف حساس والكنيسة تستغله لتهديد أمن الوطن وتدخل أمريكا في شئوننا وأن جهاز أمن الدولة لا يوجد به مسيحي واحد فكلمهم ضباط مسلمون ولا يمكن أن يسلموا مسلم او مسلمة حقيقية إلى الكنيسة 
...
ظل الرجل يدندن حول هذه المعاني لأكثر من ساعة كنت خلالها قد ادركت ان الامر جلل واني إذا لم أسلم لهم الاخوات فسوف اعتقل بلا شك وبالتالي قررت أن أكون صريحاً وواضحاً ومباشراً لان التعريض والمدارة لن تجدي شيئاً .
قلت له " لا اعتقد ان من مهام الدولة ان تفتش في نوايا من يدخل الاسلام أهو صادق أم كاذب ..هذا فقط من عمل جماعات التكفير..ثم ما قولكم في المتنصرة نجلاء الامام صاحبت افلام البورنو ذات الشعبية المرتفعة على الانترنت...أو محمد رحومه النصاب الدولي المحكوم عليه بالحبس المؤبد في قضايا نصب واختلاس او ماهر الجوهري المريض بالسرقة  وغيرهم من المتنصرين الذي اعتنقوا المسيحية كنوع من الاستثمار وتحسين الدخل ، لماذا لم يقم جهاز أمن الدولة بالقبض عليهم وتسليمهم للمسلمين كما يفعل الان مع الكنيسة والمسلمين الجدد؟
وبخصوص أمريكا فالحقيقة أن هذا الموقف الذي أنا فيه الان  سببه الاساسي هو تدخل امريكا في شئوننا لان مصر منذ اكثر من الف عام والنصارى يعتنقون الاسلام فيها ولم يحدث أن سلّم مسلم للكنيسة سوى في عهدكم الذي صرنا فيها أهم حلفاء امريكا في المنطقة .
انا اعلم ان الجهاز لا يوجد به ضابط مسيحي لكن هذا الجهاز هو من سلم وفاء قسطنطين وماريا عبد الله زكي وكاميليا شحاتة وتريزا عياد وماريان مكرم وعبير ناجح وكرستين قليني وغيرهنّ العشرات للكنيسة
ثم حين تلقيني في السجن بعد كل هذا أكون أنا من ظلم نفسه !!
هنا كان صبر الرجل قد نفذ فصرخ في وجهي " طول عمرك هتفضل .... " وأمر الحارس بإرجاعي للزنزانة
وحين عدت لزنزانتي لم استطع النوم كنت خائفا مما توعدوني به وكنت خائفا ايضا أن أضعف فأدل على المسلمات الجدد وكنت حزيناً لأني سأبتعد عن اطفالي لسنوات طويلة وربما للأبد..قمت لأصلي وحين وضعت جبهتي على الارض أنهرت من البكاء وظللت أردد  بهستريا "بــل عبـد يا مـولاي ..عـبد " وهي جملة قائلها بشر الحافي حين كان يقيم في بيته حفلات للمجون فوقف احد الزهاد ببابه وسال الجارية :صاحب هذا البيت حر أم عبد ؟ فقالت الجارية بل حر ..فرد الزاهد : نعم الحر يفعل ما يشاء ثم مضي ..ودخلت الجارية فأخبرت بشر ..فتفكر في كلام الرجل لبرهة ثم خرج حافيا من بيته حتى لحق بالزاهد فاسترجعه فأعاد عليه الحوار فبكي بشر وظل يردد "بل عبد يا مولاي عبد " وتاب وحسن اسلامه وصار من العباد الزهاد وكان كلما نازعته نفسه في شيء من الدنيا يتمتم بهذه الكلمات " بل عبد يا مولاي عبد ".
لا أدي ليلتها كيف أنهيت صلاتي ولا كيف وأين غلبني النوم لكني استيقظت في الصباح الموعود حيث ينتظرني  التحقيق وآلات التعذيب والتنكيل وصراع طويل بين الآلام وبين المعتقد
حين استيقظت في ذلك الصباح كنت أشعر بمرارة في حلقي ووجع في قلبي مما أنا مقدم عليه ..بدء القلق يزيد مع الوقت حتى تمنيت أن يفتح الباب ويسحبني الحارس إلى مكتب التحقيقات حتى ينتهى هذا القلق والتوتر الذي أكابده ...ويبدوا أن الطغاة كانوا متمرسين في التعامل مع هذه الحالة النفسية التي يمر بها المعتقل فقرروا استثمار الوقت لصالحهم ..تركوني حتى الرابعة عصرا غارقا في قلقي وتوتري أحاول التشبث بدعاء الكرب العظيم لا الَه إلا َّ الله العَظيم الَحليم، لا اله إلا َّالله ربّ ِ العَرْشِ العظِيم، لا اله إلاَّ الله ربِّ السَّماوات وربِّ الأَرض ِ ربِّ العَرشِ الكَريم{.
وبعد صلاة العصر  فتح الباب ودخل الحارس فوضع العصابة على عيني ثم اقتادني إلى التحقيق ..الذي لم يكن المكتب المعتاد بل اقتادني لمكتب أخر لم يسبق لي أن دخلته ..سألته هامسا: أنا داخل لمين
فأجاب هامسا ايضا : يوسف بيه
تركني الحارس واقفا دخل المكتب معصوب العنين لا أسمع شيئا حولي  سوى حفيف قلم يكتب ونحنحة متقطعة تأتي من خلف المكتب  ثم بدء الضباط يتحدث وهو يقترب مني : يا حاج خالد احنا عيزين نروحك ..فاجبت سريعا "ياريت يا افندم
قال الضباط  :تقريبا المحضر بتاعك خلص فاضل سؤالين فقط جاوب عليهم عشان تروح قبل المغرب ..جاهز ؟
فأجبت بنفس السرعة:طبعا يا افندم
 السؤال الاول : عيزين عناوين الشقق الي أنت مخصصها للنصاري الي بيعتنقوا الاسلام ؟
والسؤال التاني : عيزين نعرف فين مريم ومارينا ؟
كنت ادرك ان اجابتي لن ترضيه لذلك حاولت ان اجعلها اقل حدة واخف وقعا عليه تحسبا لردة فعله المتوقعة
فقلت :والله يا افندم انا أحاول ألا اورط نفسي في مشاكل تسبب لي الاعتقال مجددا او تحدث أي صدام معكم لذلك دوري يقف دائما عن إنهاء الاجراءات القانونية ..ولا أورط نفسي في أكثر من هذا  حيث لا تسمح ظروف عملي ولا امكانياتي بمثل هذا ؟
الضابط : يبدوا إنك مصمم تشوف الوجه الأخر ..وعلى فكرة مش هيعجبك
أجبت سريعا : الوجه الاخر أنا أعرفه جيدا وجربته مراراً ولسنوات ولا يوجد عاقل يجلب على نفسه هذا العذاب
الضابط : طيب انا هعرض عليك حل أخير ..قلي على مكان البنات الي أسلموا  وأنا هعتبر أنك مقلتش حاجة ...وهكتب أنك فعلا ملكش دعوة بالموضوع وان التحريات عندنا هي الي عرفت مكنهم ..ايه رأيك ..أظن عملت معاك  الواجب ؟
أجبت : والله يا أفندم تشكر ...بس فعلا أنا معرفش عنهم أي حاجة.. أخر مرة شفتهم كان في الازهر .؟
الضابط :طيب تفتكر راحو فين ...فكر معايا  ..تعالى نخمن يمكن نلقيهم ؟
أجبت : أظنهم قبل ما يقدموا على خطوة زي دي كانوا مرتبين أمورهم كويس ..ممكن يكونوا سافروا مثلاً
قاطعني قائلا: طيب مش ممكن يكونوا قعدوا عن أي وحده من زميلاتهم ..قلت :ممكن طبعا
فقاطعني قائلا : زي مين كده ؟
أجبت: حضرتك عارف انهم من محافظة تانية وأنا شفتهم مرة واحدة لما خلصت اجراءات الاشهار في الازهر فقط وبعدين أخاف اقول أي حاجة غلط فاظلم حد زي ما أنا مظلوم دلوقتي ؟
 الضابط : طيب ليه أحمد بيقول انك مخبي البنتين دول؟
أجبت :أي حد مكانه هيقول كده لأنه خايف على نفسه وخايف  على زوجته ..وبعدين حتى لو البنات عنده مفيش مسلم هيرضى يسلم مسلمة للكنيسة عشان يفتنوها في دينها ؟
الضابط : بص يا حبيبي سيبك من الكلمتين الي انت حفظهم وعمال تغنيهم كل شوية .. أحمد أعترف عليك وإحنا تأكدنا من صدقه وجاب شهود على الكلام ده ...وعايز أقولك حاجة الموضوع ده كبير وأنت مش قده وأحسن لك تخلص من المشكلة دي قبل فوات الأوان ..اسمع أخر كلامك منك ؟

اجبت :صدقني معرفش مكانهم ولو كــ....
قاطعني الضابط بالسباب والزعيق وسب الدين متوعداً بصنوف العذاب والتنكيل ثم إلقائي في المعتقل حتى أتعفن – على حد قوله- ثم نادي على الحارس وأمره أن يحضر أدوات التعذيب كالصاعق الكهربائي والكرباج و"الشواية" وهي عبارة عن عصى يعلق بها المعتقل بعدما تجمع يداه إلى ركبتيه بحيث يصير ثقل جسده كله محمل على معصم يديه في وضع يشبه طرق شوي النعاج قديما عند العرب
أمسك الضابط برأسي بحيث كانت يداه فوق اذنيّ وابهامه فوق عيني ثم رطم رأسي في الحائط بقوة ثلاث مرات متتالية وتوعدني قائلا :سأجعلك تكره اليوم الذي ولدت فيه ! وأمر الحارس بإخراجي من المكتب وتجريدي من ثيابي كلها حتى يجهز "حفلة" التعذيب
وعلى باب الغرفة فك الحارس القيد من يديي وخلع عني ملابس وظل يوسوس في أذني بنبرة شيطان : خلص نفسك ..الباشا أيده تقيلة ولو وقعت تحتها مش هتطلع سليم ..انت معندكش عيال ولا ايه ..مش خايف على نفسك خاف على مراتك وعيالك ..اخلص عشان تروح ..الي أعترف عليك صاحبك يعني التهمة لبساك ..ادخل اعترفه بكل حاجة والباشا هيسمحك
...ظل الشيطان يمس في أذني لدقائق ثم انصرف وأحضر أدوات التعذيب وعندما مر بجانبي ضغط على الصاعق الكهربائي فصرخ بفحيح شرير اقشعر له جسدي ..لم تعد قدماي تقويان على حملي ...جلست مكاني على الأرض وأنا أحاول السيطرة على أعصابي فلم أفلح ..ظللت الهث بـ لا حول ولا قولة الا بالله  استقوي بها على ضعفي الشديد فبعد ثواني سيفتح الباب وسأواجه أمورا صعاب لا طاقة لي بها ..ربما أنهار فاخرج سري فاجمع بين عذاب الدنيا وخزي الاخرة .. حاولت البحث عن عمل خالصا اتوسل به إلى الله تعالى أن يفرج كربي ففزعت مجدا لصوت الصاعق الكهربائي ..رفعت وجهي للسماء وقلت "يارب رحمتك أرجى ليّ من عمليّ " ظللت اكررها حتى فتح الباب وسحبني الحارس من رأسي والقيّ بي في دائرة التعذيب .
كان صراخ الضابط وسبابه المتواصل يصم اذني ويفقدني نصف وعييّ ..وضع الحارس القيد في يدي من الخلف ثم ركلني على  قدمي فوقعت على الارض قيد الحارس قدمي بحبل سميك ووضع فوقها كرسي ثقيل جلس عليه الضباط وهو يلوح بالصاعق الكهربائي وقال متهكما : أنت بقه – ياروح أمك- حامي حمى الإسلام  ...ثم غرس الصاعق في بطني ..فرتجفت أوصالي جميعا وانتفض جسدي بشدة  وصرخت بأعلى صوتي "يا رحـــــمَــــــن  يـا رحــــمـــــــــــــن "
حتى هذه اللحظة التي أكتب فيها هذه الكلمات لا استطيع أن أجزم بأن الذي حدث بعد هذا كان حقيقة أم كان توهمات ...فقد أفقت في قبيل أذان الفجر وأنا ملقي في ممر صغير امام مكتب التحقيق  وأحد الاطباء يعلّق لي المحاليل ويضع المراهم على جسدي ..كان الطبيب متأثراً بشدة ويحبس الدمع في مقلتيه ..قال لي إن عيادته قريبة من قسم المرج مالحق به مبني أمن الدولة  وإنه عادة يرفض المجي إلى اقسام الشرطة لعلاج المحبوسين لكنه حين علم أنه سيعالج أحد الشيوخ المعذبين في أمن الدولة لم يتردد وحضر على الفور محتسبا ذلك في سبيل الله ..لم يسعفني حضور الحارس من التمادي معه في الحديث ..كانت بداخلي رغبة شديدة أن أحدثه بما لقيت وأنني أعذب بسبب تستري على فتيات اعتنقنّ الإسلام تريد الدولة إرجاعهنّ للكنيسة مرة اخرى حيث الردة او القتل ..كنت أبحث عن شخص يبكي لأجلي ..يأسىَ لحالي ..يشاركني الحزن والهمَّ  فيهون عليّ ..لكن الظالمون ضنوا عليّ بهذا أيضا.
انصرف الطبيب ..طلبت من الحارس كوب ماء ففي حلقي مرارة تقتلني ..فاجب :مينفعش تشرب مياه  بعد الكهرباء انتظر ساعتين على الأقل ..خرج ثم عاد مسرعا ووضع العصابة على عيني مجددا ..ثم دخل الضابط "يوسف" الذي عذبني وقال ساخرا ً :أنت هتستموت من أولها ...أجمد يا حبيبي لسه التقيل وراء ..ثم قال للحارس لبسه هدومه ونزله الحجز يمكن لما يقعد مع نفسه شوية يعقل قبل ما نموته ...ووجه حديثه إليّ قائلا : سبع ساعات فقط يا خالد وهرجعلك عشان نكمل لعب مع بعض " ثم رحل أصابتني لهجته بالغم الشديد أخذت أردد بصوت مسموع "رضيت بالله ربا وبالإسلام دينا وبمحمدا نبيا ورسولا "
حملني الحارس مع رفيقه وألبسني بعض ثيابي ثم قادني إلى زنزانتي ..
لم اكن صليت المغرب والعشاء ..عجزت عن الوضوء فتيممت ثم صليت جالسا ..ثم حاولت أن أتذكر ما حدث فلم أستطع أن أجزم بالحقيقة منه والوهم ...هل ظل الضابط يوسف يصعقني بالكهرباء ثم صب عليّ جسدي الماء ليضاعف من شعوري بها ..هل علقني على "الشواية" ثم جلد قدمي وساقي بالكرباج ..هل صعقني بالكهرباء في اماكن حساسة من جسدي ؟

حقيقة لا أدري أحدث ذلك حقا وشعرت به أم كانت مجرد توهمات حين فقدت الوعي ..لكني معصمي المتقرح الذي ما يزال ينزف دماً وتلك المراهم التي تعالج أثار حروق من الصاعق الكهربائي على أماكن متفرقة من جسدي كلها تؤكد أن ما حدث لم يكن وهما .
فجــأة انتبهت لأمر خطير  ، لهجة الضابط حين دخل عليّ مؤخراً تقول إنه لا يزال يبحث عن إجابة  !!..ياللـــه .. هل حدث وتنزل رحمة الله القدير عليّ فحالت بيني وبين الإعتراف بما يريدون ؟
ياللـــه ما أرحمك حين لم تكلني لنفسي ...ياللـــــه أنا أحقر كثيرا من هذا التودد منك يا من بيد مقاليد السموات والأرض ...ولكن سبحانك ...وعزتك وجلالك ما عهدتُ منك إلا الجميل ..
انخرطت في بكاء ونحيب ...بكيت بكاء عبد أخذ من رحمة ربه أكثر كثيراً مما يستحق ..نسيت جروحي وحروقي وألمي وظلت تحوم روحي متأملة  في واسع رحمته  وعظيم عفوه سبحانه .
في الصباح حين استيقظت كنت على يقين بمعية الله تعالى لي في هذه المحنة ..ليس لإيمان أو صبر فيَّ ولكن رحمة من الله بهاتين الفتاتين وأمثالهما من المساكين الذين تركوا كل شيئ وهاجروا إلى الله تعالى بدينهم ..هؤلاء الذين صدقوا البيع مع  الله تعالى فصدقهم الله تعالى فحفظهم وحماهم ونصروهم بحسن جميله عليَّ في هذه المحنة .
لم اكن مرتعدا ولا خائفا ولا متوترا كما كنت ليلة أمس قبل التحقيق ..فتح الباب فوقفت للحارس وانا أحمل العصابة في يدي
 فقال الحارس: استرح يا شيخ خالد ..انا جي اشوفك محتاجة حاجة ولا لأ ..طلبت منه كوب شاي لان المساجين الجنائيين في الغرفة المجاورة لا يجدون طريقى لادخال الشاي إلىّ بسبب هذا الباب المصمت بيننا ...نادي الحارس على  "البرنس" وهو كومندان المساجين الجنائيين وطلب منه ان يحضر عاجلا لي كوب شاي ..دخل البرنس بعد قليل يحمل كوب الشاي ووضعه في يدي واهتز حين رأي الجروح على معصمي ...أشرت إلى كيس به بعض الفاكهة - كانت زوجتي تحضرها لي يوميا وتتركها عند الحارس فيدخلها لي- اعطيتها له ..فقال مندهشا ..مقابل ماذا؟ قلت مقابل اننا إخوة مسلمون وأنت رجل شهم ..ضحك الحارس وقال للبرنس "بلاش انت يا برنس تدخل السكة دي ..ضحكنا جميعا وعندما انتهيت من شرب الشاي اخذ الحارس والكوب وأعطاه للبرنس وقال  لي "إذا احتجت شيئا نادي على البرنس وهو سيخبر ضابط الحجز وسأحضر فوراً .
وحين  اغلاق الباب    أدركت انه لا تحقيقات اليوم ولا تعذيب وانهم قلقون من حالتي الصحية اقتربت من الباب وناديت البرنس فاقترب مني قلت له "أريد ان أكلم زوجتي " سكت لبرهة ...فقلت له ..يا عم أنا قديم هنا وعارف كل حاجة ..هي الدقيقة معاك بكام ؟
قال : الدقيقة هنا بـ 2 جنية ..قلت سأعطيك ثلاثة ..قال حاضر يا شيخ بس لما الدنيا تهدا ...انتظرت حتى التاسعة مساءاً حين خرج أغلب المساجين الجنائيين للعرض على المباحث  ..وناديت على البرنس الذي حضر وفي يديه هاتف محمول ...اعطيته الرقم فاتصل بزوجتي ثم وضع سماعة الهاتف على ثقب صغير في الباب استطعت منه أن أسمع صوتها وكان هذا قمة سعادتي وراحتي وقتها حيث أزاح عن نفسي كل الهموم والأحزان ..أعطيت البرنس اكثر مما وعدته ..وقبل منتصف الليل دخل الحارس مرة اخرى ليطمئن عليَّ ويعطني جرعة من الدواء .
في ظهيرة اليوم التالي فتح الباب وقادني الحارس إلى مكتب الضابط يوسف الذي استقبلني بالسخرية والتهديد فأجبت عليه نفس الاجابة القديمة فأمر الحارس ان يخرجني ويجردني من ثيابي كما فعل سابقا
لم اكن اهتز ..لم اكن خائفا كما كنت من قبل ..قيّد الحارس يدي بالقيد الحديدي وقديم بالحبل والقاني داخل مكتب التحقيقات وظل يوسف يلوح بالصاعق الكهربائي مجددا صعقني  به لسعات خفيفة فقط ..ظل يرغي ويزبد  وعندما لم يجد تغيرا في الموقف قال إنه لن  يتعب نفسه مع "عيل أبن ...." مثلي وسوف يقوم بترحيلي لمقر الجهاز بمدينة نصر حيث البكاء وصرير الاسنان ..وهناك سوف أعترف أو أموت ..أخرجني من المكتب وبعد دقائق أدخلني وقال مد يديك ..مدت  يدي متوجسا فوضع سماعة الهاتف فيها وقال كلم الباشا الكبير
وضعت الهاتف على أذني فلم اسمع شيئا بسبب ضغط عصابة العين على اذني فرفعها من فوق أذني قليلا
قلت :ألو ..فجاءني صوت على الجهة الاخرى يقول :بص يا خالد أنت أعطيت الموضوع أكبر من حجمه  وأنت خايف بسبب تجارب سابقه لك عندنا بس انا عاوزك تفهم أن الموضوع بسيط ..احنا هنجيب البنات وهنعرف منهم الحقيقة ولو كانوا فعلا مسلمين احنا الي هنحميهم ونحرسهم ..وبعدين متخفش انت موقفك القانوني سليم
قلت :يا افندما أنا فعلا قلت كل حاجة اعرفها وأنا فعلا حاسس بصدق حضرتك وبقولك على الحقيقة
قال: طيب تفتكر أحمد بيقول عليك كده ليه ؟
قلت أي حد مكانه لازم يقول كده ..اكيد خايف على نفسه أو خايف على زوجته ..ممكن يكون البنات عند حد معرفة ومش هينفع يقول على مكانهم عشان ميبهدلش الناس الي عملت معاه خير؟
قال: طيب انت تجيلي هنا في الجاهز وانا هعرف انطقك ازاي ..اديني يوسف بيه
اخذ يوسف الهاتف مني ولم يتحدث حتى اخرجني الحارس من المكتب ..دقائق ثم خرج يوسف وقالي لي :أنت الي جبته لنفسك ..هتروح للباشا الكبير الي محدش بيخرج من تحت أيده سليم .
حين أنزلي الحارس لزنزانتي كنت شديد القلق والتوتر انتظرت حتى المساء ثم طلبت من البرنس أن يعطيني الهاتف داخل الزنزانة فرفض لأنه سيضطر إلى تفكيكه إلى قطع صغير وقد لا نستطيع تجميع مرة أخرى ..عرضت عليه شراء الهاتف فطلب
مبلغ 200 جنية اعطيتها له بلا نقاش فقام بتفكيك الهاتف إلى عدة قطع صغيرة وناولني إليها على حدى فقمت بصفها بالترتيب حتى استطيع جمعها مرة اخرى ..في التجميع الاول لم يعمل الهاتف فأعدت تجميعه مرة اخرى وبعد قرابة ثلاث ساعات نجحت
وكان اول اتصال اجريته بزوجتي ..تلك المؤمنة الصابرة التي كانت تأتيني كل يوم بالغذاء والدواء  فتتركه عند الحارس الذي يدخله لي بعد تفتيشه ..كان صوتها يزيح الهموم والأحزان من صدري ويغسل فؤادي مما لحق به . طلبت منها أن اسمع صوت ابنتي سهيلة  وحين سمعتها تصرخ فرحة بي اهتز كياني كله وطفرة دمعة ساخنة فبللت نحري ..طلبت منها أن تدعوا لي وتردد خلفي دعاءً أن يرجعني الله إليها سالما ... ثم قررت ألا اتحدث اليها عبر الهاتف مرة اخرى حين تذكرت ان الشيخ عبد الله عزام رأي طفلته في المنام تداعبه وتمشط لحيته فقام فتفل عن يساره واستعاذ بالله مرددا قوله تعالى

 "إِنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلَادُكُمْ فِتْنَةٌ وَاللَّهُ عِندَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ"
ثم اتصلت بالأسرة الكريمة التي كانت تؤوي المهاجرين بدينهم ..اخبرتهم بما حدث وطلبت منهم نقل جميع الفتيات إلى مكان غير معلوم لي بحيث إذا ضعفت  وأرادت الاعتراف بمكان المسلمين الجدد لا أجد لذلك سبيلا...طلبت منهم أيضا ان يتخذوا احتياطات أمنية تحول دون الوصول اليهم إذا خارت قوتي فاعتراف عليهم ..واتفقنا على سيناريو موحد نعترف به إذا تم القبض عليهم ...عاهدتهم إلا يحدث ما دمت قادرا على منعه
تم تحدثت إلى شيخي ومعلمي الشيخ رفاعي سرور رحمه الله فسمعت منه ما جعله الله سببا في تجديد عزيمتي وطمأنة قلبي .
وفي مساء اليوم التالي اقتادني الحارس لمكتب التحقيقات حيث كان ينتظرني طبيب قام بالكشف عليَّ دون أن ينطق بكلمة واحدة
ثم ادخلوني إلى غرفة أخرى بها عدد من الضباط بعضهم قادم من الجهاز بدء التحقيق في هذه الليلة من العشاء واستمر حتى الثامنة صباحا تخلله استراحة واحدة لصلاة العشاء وعدد من الصفعات واللسعات الكهربائية ومئات الاسئلة والكثير من التهديد والوعيد ثم افترقنا جميعا على وعد بليلة اخرى سوداء كما قالوا...
حين اعطوني مهلة للصلاة تركني الحارس في غرفة بجوار الباب الرئيسي  بالدور الاول خلعت العصابة عن عيني وصليت العشاء ثم جلست بائسا محطما انظر من النافذة وفجاة ظهرت زوجتي أمامي تحمل اكياس الطعام وتدخل ..ناديتها فهرولت إلى النافذة مددت يدي عبر القضبان فصافحتها ..فأكبت على يدي تقبلها وتدعوا لي .. كنت في هذا الوقت أحوج شيءِ لهذه اللمسة الحانية  وتلك النظرة العطوفة .. همست زوجتي  لي أن غدًا مساءا ستزف"مريم" لزوجها  لمعت عيناي  ثم اغرورقت بالدموع ..اخبرتني أيضا ان اني القي تعاطفا كبيرا من جميع الاخوة وهناك مقالات واشعار وتصميمات كثيرة على الانترنت تضامنا معي ..شعرت برحمة الله الواسعة تربط على قلبي الممهتز فزعا ..كان لقاء زوجتي في تلك الساعة  لحظة فارقة .. كانت ثواني قليلة لكن الزمن توقف عندها طويلا حتى هرول الحارس إلى النافذة فأعاد عقارب الساعة للدوران مرة أخرى وانتهت لحظة  مضيئة ما زلت أجد بردها  كلما تذكرتها
وحين اقتادني الحارس مرة اخرى لطغمة الذئاب التي تحقق معي لم أكن مكترثا بشيئ
وحين عدت لزنزانتي صباحا ظللت أبكي بحرقة ..كنت اشعر بحرقة مريرة في صدري ...ظللت أشكوا إلى الله تعالى "هواني" على الناس ..لقد كان يحقق معي اليوم قساوسة وليس ضباط بجهاز أمن الدولة ...إنهم أشد كراهية للإسلام من القساوسة ..وأكثر ولاءً للكنيسة من القساوسة ..تذكرت رد الضابط حين قلت له أترضى ان تكون سببا في ردة مسلم إلى المسيحية ..فأجاب ساخرا "مش أحسن ما يبقه  إرهابي أبن ... ويتعبنا معاه " ..ساءت حالتي النفسية بعد هذا التحقيق وعزمت على الصدع في وجوه هؤلاء الضباط القساوسة بما يكرهون ..لم أعد أحتمل المدارة معهم ..هناك لوعة في قلبي لن تزول حتى اصرخ في وجوههم بما يفيض في نفسي ... مرت أيام وليالي وأنا في زنزانتي انتظر الترحيل إلى المعتقل أو إلى مقر الجهاز أو جولة  أخرى في دائرة التعذيب ..وبعد أكثر من عشرة أيام فتح الباب في الساعة الواحدة ليلا ودخل الحارس وهو يضحك –ربما للمرة الأولى وقال مبروك يا شيخ خالد ..هات حاجتك عشان هتروح ..وزعت اشيائي على المساجين الجنائيين وخرجت فوجدت الضابط ياسين يقول لي :انت مكنش ليك خروج وصدر ليك جواب اعتقال ..بس ربنا بيحبك في اللحظة الاخيرة كل حاجة اتغيرت ... ثم اكمل أنت مروح وراجع لنا تاني  الريس افرج عن العيال المسيحيين الي اشتبكوا معانا في العمرانية ومش هينفع نعتقلك دلوقتي  بعد ما خرجناهم ..بس وحياة أمي لترجع تاني  .. لم أرد عليه سوى بكلمة واحدة "رحمة الله واسعة"
 هز رأسه وأمر الحارس أن يوقف لي سيارة تقلني  للبيت نظرا لحالاتي الصحية  وحين وضعت قدمي في الشارع للمرة الاولى منذ أيام طويلة نظرت إلى السماء "سبحانك ..ما عرفت منك إلا الجميل "
من المعتقل الى الثورة

  بعد أيام قليلة كنت في قلب ميدان التحرير أهتف "الشعب يريد إسقاط النظام " ..وقد كان  والحمد لله
  ــــــــــــــــ

واليوم خالد حربى اسيرا فى معتقلات العسكر

إقرأ أيضا : وأخرون


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق