علبة التونة





علبة التونة

شىء عادى للكثير منا نشتريها ونقوم بفتحها بفتاحة علب او تكون سهلة الفتح ونفرغ مافيها من لحم التونة ثم نقوم بالقائها فى سلة المهملات اما فى المعتقل فلعلبة التونة شان اخر فقد كانت علبة التونة تمثل لنا الكثير والكثير من وسائل التكيف المعيشية كانت علبة التونة فى بعض الاحيان موجودة فى كانتين السجن نقوم بشرائها من مالنا الذى فى الامانات اونقوم فى الكثير من الاحيان بادخالها فى الزيارات خلسه او التعامل مع الشاويشية لتمريرها لنا باضعاف ثمنها ولم تكن حينها انتشرت الانواع سهلة الفتح فكنا نلجا الى وسائل مبتكرة لفتحها فكنا نقوم بحكها فى محارة الحائط الخشنة لمدة طويلة نتناوب مع بعضنا البعض فى فعل ذلك حتى يتاكل اللحام المحيط بغطاء العلبة وقبل ان ننزعه نقوم بغسلها بحرص من الخارج او مسحها بقطعة من القماش حتى لا يختلط الطعام بداخلها بذرات الاسمنت المتناثرة وبعد ان نفتحها ونفرغ مابها وناكله نقوم بنزع الغطاء السفلى لها بنفس الطريقة فتصبح العلبة مكونة من غطائين والاطار المعدنى للعلبه فنقوم باستغدام الغطاء الحاد بعد سنّه فى الحائط او الارض فى تقطيع الطماطم والخضروات وان وجدت ثمار الفاكهة اما اطار العلبه فنقوم بقطعه وثنيه الى قطعتين معدنيتين ونضع بينهما قطعة من الخشب ونربطهما بخيط او دوبارة ثم نقوم بربط سلكين من الكهربا فى الطرفين المعدنيين ونصنع بذلك دائرة كهربية تعمل كغلاية كهربائية على المدى الطويل وكنا نسميه الكمبيوتر ونقوم بتوصيله بسلك مصباح الزنزانة بحيث يتدلى من السقف الى اعلى نصف الجدار الذى يفصل حمام الزنزانة عن الزنزانة ونقوم بغمر هذا الاختراع فى وعاء من الماء بحيث يغلى الماء بعد حوالى 6 ساعات تقريبا ويصبح عندنا البوتاجاز او الحمام المائى الذى نطهو عليه طعامنا ونصنع عليه الشاى
فكنا نقوم باحضار زجاجة بلاستيكية كبيرة ونقوم بوضع الماء والسكر والشاى بها ونقوم برجّها ثم نضعها فى وعاء الماء المغلى وتمر ساعات حتى تصل درجة الغليان الى داخل الزجاجة وينضج الشاى بعد ان تكون الزجاجة قد انكمشت الى النصف تقريبا بفعل الحرارة وفى بعض الاحيان فى حالة العدد الكبير كنا نقوم بوضع الكمبيوتر مباشرة فى جردل الماء ونضع فيه السكر والشاى بحيث يصبح الجردل مليئا بعد عده ساعات بالشاى المغلى الذى يكفى عدد لا باس به منا عندما نكون فى حجز لاظوغلى نصل لاكثر من مائة معتقل وكان الشاى يكتسب طعما سيئا وبالتاكيد بعض الاضرار الصحية من كهربة المياه وتفاعل البلاستيك الا انه كان حينها بالنسبة لنا احلى شايا يمكن ان نشربه لكونه عزيزا ونادرا واحيانا حين لا يكون معنا سكر للتحلية نقوم بتحلية الشاى بالحلاوة او العسل الاسود او المربى او نشربه بدون سكر وهكذا كافة انواع المشروبات الساخنة كنا نعدها بنفس الطريقة اما طهى الطعام فكنا نضع وعاء بلاستيكيا بدلا من الزجاجة فى الوعاء الاكبر الملىء بالماء المغلى ونضع فيه
الطعام الذى نقوم بتسخينه او طهيه والذى كان يستغرق الكثير من الوقت اذكر انى جلست اطهو دجاجا بالبطاطس والبصل والطماطم لمدة 12 ساعة حتى ينضج


نعود مرة اخرى للتعيين ووجبة الغداء التى كان يتم صرفها لنا كانت عبارة عن طبقا من الارز وطبقا من العدس الردىء الكريه الرائحة او طبقا من الفاصوليا البيضاء السيئة الطعم او الطبخة السوداء كما كنا نسميها وهى عبارة عن قطع كبيرة من الباذجان الاسود المسلوق فى مياه سوداء كريهة الرائحة او احيانا يكون التعيين طبقا من السبانخ المسلوقة والتى كنا نجد فيها القواقع تتخللها  نتيجة عدم غسل السبانخ قبل طهيها كنا نتعامل مع هذا التعيين بتحسينه قدر الامكان فقد كنا نقوم بعمل السلطة ان وجدت الخضروات ونخلطها بالارز او نقوم بتقطيع البصل على الارز ونضع خلا عليه وكنا نقوم فى يوم الفاصوليا بغسل الفاصوليا واعادة طهيها مرة اخرى بالبصل والطماطم وكذلك فى يوم العدس كنا نعيد طهيه اما الطبخة السوداء فكنا قليلا ما نحسنها وفى الاغلب كنا نتخلص منها فى الحمام لاننا كنا مجبرون على استلامها حتى لا يعتبر اضرابا عن الطعام وكان الكمبيوتر هو وسيلتنا فى الطهى حتى تيسر لنا الحصول على سوستة سخان نيكل كروم فكنا نحفر فى الارض مسار للسوستة ونقوم بايصالها بالتيار الكهربى ووضع قطعتين من الطوب نضع عليهما علبة سمن صفيحية فارغة كنا نحصل عليها برشوة الشاويشية او تدخل مهربة فى الزيارة وسط اناء من البلاستيك مليئا بالطعام وحتى تيسر لنا بعد ذلك الحصول على حلة من الالومنيوم صغيرة كنا نطهو فيها وفى بعض الاحيان كنا نتمكن من الحصول على حجر فخارى لسوستة السخان ونقوم بعمل مقاومة كهربية فى طرفى السلك لتقليل الوهج الحرارى عن طريق قطع انابيب المرهم المعدنية الفارغة كان حصولنا على سوستة من النيكل كروم والتى كان سعرها يصل داخل السجن لعشرين ضعف سعرها الحقيقى كان الحصول عليها بمثابة عيد لنا اذ كان معناه امتلاكنا لبوتاجازا وسخانا ودفاية وتوستر ومجفف ملابس فى نفس الوقت من كثرة الاستهلاك كانت سوستة السخان تتمزق قطع ونقوم بربطها عدة مرات ببضعضها البعض او نسقط على الاطراف المفصولة قطرات المياة لتكتمل الدائرة الكهربية من جديد كنا نقوم باستبدال قطعة علبة التونة من الكمبيوتر بسوستة النيكل كروم ونقوم باستخدامها فى غلى المياه لكافة الاغراض فكنا نغمس الكمبيوتر فى برميل المياه طوال الليل حتى نستطيع الحصول على المياه الساخنة فى اليوم التالى للاستحمام وغسيل الملابس وتنظيف الزنزانة اما حجر السخان الفخار فكنا نستخدمه كتوستر نقوم بتحميص العيش المتيبس عليه اذكر اياما كنا نجوع من قلة الطعام فى الزنزانة فنقوم بتحميص العيش (الجراية) على حرارة الحجر الفخارى وناكل به الجبن او الزيت او البصل كنا نستغل كل الامكانيات القليلة المتاحة لنا فى المطبخ لصنع طعاما مناسبا قدر الامكان وكم كنت اسعد كثيرا بصنع الطعام لاخوانى فى الزنزانة وخصوصا فى شهر رمضان حيث كنت اعد لهم طعام الافطار والسحور واحاول التفنن فى صنع الطعام لاخوانى لعلى اخف عنهم قليلا مما يعانوه اذكر انى صنعت ذات مرة قرصا من البيض المقلى بالبصل وبدلا من الدقيق الذى لم يكن متوفر اضفت قدرا من السحلب عليه مما اكسبه طعما جميلا اما البض المسلوق كريه الرائحة الذى كان ياتى فى التعيين فكنت احسنه بالتحمير او طهيه مع الكشك الذى كان ياتى فى زيارات اخوة الصعيد او عمل شكشوكة البيض بالجبن والبصل والطماطم ودجاج التعيين الذى كان مقررا مرة فى الشهر وكان كثيرا ما يتم سرقته من قبل ادارة السجن وفى المرات القليلة الذى كان ياتى فيها ياتى مسلوقا فكنت اخذه واغسله واقوم باستخلاص مافيه من اللحم وعمل شاورمة منه بقطع اابصل والطماطم والفلفل وكذلك فى احدى الزنزانات التى سكنتها وجدت الاخوة ياكلون الارز الابيض بدون ايه اضافات ولا يوجد معه غير قطع الطماطم او الفلفل الرومى الذى قد ياتى احيانا فى التعيين فكنت اخذ الفلفل واقطعه حلقات مع البصل والطماطم واطهوه مع الزيت او السمن واضيف اليه ارز التعيين ليصبح بطعم المحشى الذى كنا كثيرا ما نتوق اليه وكذلك كنت اصنع لاخوانى الكشرى فى الزنزانة ونظرا لكثرة العدد حيث كنا فوق العشرين ولا يوجد سوى القليل من ثمرات الطماطم او القليل من الصلصة فكنت اقوم بعمل صلصلة لكشرى بمنقوع الكركديه مما يكسب الكشرى لونا احمرا وطعما طيبا رغم قلة الصلصة فيه واذكر احد اخوانى من المعتقلين من اهل اسيوط الطيبين صنع لنا فولا بقطع البصل الصغيرة المقطعة بشفرة موس حلاقه مع اضافة الطحينة التى كنا نصنعها من الحلاوة فصنع لنا فولا انا لم اكل مثله فى حياتى من قبل وهكذا كان الله يعيننا بقوة ويرزقنا بفضله الرضا وتحلو فى حلوقنا اللقيمات والرشفات رحمة من الله ولطفا رغم سوء الاوضاع التى كنا فيها  كنا نصنع ايضا ملاعقنا من كسر علب الحلاوة الطغيرة الى نصفين واستخدام كل نصف كملعقة ناكل بها وكان سعيد الحظ الذى يمتلك برطمانا زجاجيا فارغا فيشرب فيه الشاى اذ كنا نشرب الشاى اما فى علب التونة الصفيحية الفارغة او فى علب الحلاوة البلاستيكية والتى يختلط فيها طعم الشاى بطعم مادة البلاستيك الذائبة وكان الاخوة فى بعض الاحيان فى حالة عدم توفر نصلة تقطيع الخضروات يستخدمون خيط الحرير فى التقطيع وكما كنا نعد الوجبات الاساسية من اقل الامكانيات فكذلك الاطعمة الترفيهية والتى كنانسميها الترفيه ويدخل فيها العصائر التى كنا نصنعها يدويا من تقطيع وعصر ثمار الفواكه التى اما ياتينا القليل منها فى التعيين او تاتينا فى الزيارات فكنا نعصرها باكواب البلاستيك ونضع عليها السكر والماء ونقدما فى جلسة ترفيهية مع اى اضافات كنا نجمعها من عدة زيارات كقطع حلوى او سودانى او ذرة فيشار وعادة تكون الجلسة الترفيهية عقب الطعام او فى امسياتنا الليلية التى كنا نسميها روضات كما سياتى ذكرها وكنا نعين من بيننا فى بعض الاحيان مسئول الترفيه ليعاون مسئول المطبخ ويحمل عنه هذه المهمة ورغم ان هذا الترفيه ربما كان فى بعض الاحيان ماءا مذاب فيه السكر او تعيين المربى مذابا فى الماء الا انه كان ذا طعما حلوا مختلف حين كنا نجعله فى جلسه اخوية ترفيهية  

إقرأ أيضا : مطبخ الزنزانة والمطبخ العام

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق